للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زمن ابن حنبل والذين قالوا كيف تأخذون حقوق التأليف وذهبوا وأخذوا كتبنا وربحوا فيها واستفادوا منها لو كانوا يوزعونها مجاناً فهذا معقول! وأنا فعلاً إذا كان هناك جمعية خيرية أو انسان يريد أن يتبرع بطبع كتاب ونشره فأرى أنه لا يجوز لإنسان أن يأخذ حقاً عليه في هذه الحالة أما وقد دخل دائرة الإجارة فهنا للمؤلف حق خصوصاً أن كثيراً من الناس يعيشون على مثل هذا الأمر] المصدر السابق عدد ٥ ج ٣ ص ٢٥٤٢.

وأما الادعاء بأن الاحتفاظ بحقوق الطبع والتأليف يعد كتماناً للعلم وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك في الحديث: (من كتم علماً ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار) رواه ابن حبان والحاكم وهو حديث صحيح كما قال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب ص ٥٢.

فالجواب أن هذه الدعوى غير مسلمة فالمؤلف لا يكتم العلم بل هو ينشره وخاصة أن الحديث منصوص العلة وهو " الكتمان " لا " المعارضة " بقوله عليه الصلاة والسلام: (من كتم علماً ... ) وما نحن فيه ليس فيه كتمان بل فيه نشر وتوزيع وإذا انتفت العلة في المعاوضة انتفى الحكم وهو التحريم.

وإذا لوحظ أن هذا العالم أو الباحث قد وقف حياته كلها على هذا الجهد فكيف تستقيم حياته إذا حرم من حقه فيه؟ أيعيش على الصدقات وما تجود به أنفس المحسنين؟ وحقه في عمله ثابت له شرعاً؟

على أنا رأينا الفقهاء الأعلام يقومون جهود الحيوانات لأصحابها ومنافع الهوام والحشرات والديدان وأصوات الببغاوات وتغريد البلابل ومنفعة الكلاب في الحراسة أفلا يكون للجهد العقلي الإنساني المبتكر - في منطق هذا الفقه - مكان في هذا التقويم الشرعي!؟ الشرع الإسلامي عدل كله ومعقول المعاني والمقاصد فثبتت المالية للابتكار الذهني بالأقيسة الأولوية.

ألم يجز الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعل تعليم بعض آيات القرآن الكريم مهراً ومعلوم أن المهر لا يكون إلا مالاً فثبت أن التعليم " يقوّم بالمال شرعاً بدليل جعله مهراً وعوضاً وتعليم القرآن الكريم طاعة بلا ريب وهو جهد محدود لا

<<  <  ج: ص:  >  >>