للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عائشة: (أن الناس كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة يبتغون بذلك مرضاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) رواه البخاري.

وعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: (أهدت أم حفيد خالة ابن عباس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إقطاً وسمناً وأضباً فأكل النبي - صلى الله عليه وسلم - من الإقط والسمن وترك الأضب تقذراً، قال ابن عباس: فأكل على مائدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو كان حراماً ما أكل على مائدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) رواه البخاري.

قال الحافظ ابن عبد البر: [كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية وندب أمته إليها وفيه الأسوة الحسنة به - صلى الله عليه وسلم - ومن فضل الهدية مع اتباع السنة أنها تورث المودة وتذهب العداوة على ما جاء في حديث مالك وغيره مما في معناه ... عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدور) ولقد أحسن القائل: هدايا الناس بعضهم لبعض تولد في قلوبهم الوصلا وتزرع في الضمير هوى ووداً وتكسوهم إذا حضروا جمالاً] فتح المالك بتبويب التمهيد على موطأ مالك ٩/ ٣٥٨ - ٣٥٩.

إذا تقرر هذا فنعود إلى العبارة المتداولة بين الناس وهي قولهم " الهدية لا تباع ولا توهب " أو " الهدية لا تهدى ولا تباع "، فهذه العبارة غير صححية شرعاً لأن الهدية إذا استقرت في ملك المهدى له فقد صار حرّ التصرف فيها فيجوز له أن يتصرف بها كما يتصرف في حرّ ماله فله أن يبيعها أو يهديها لغيره أو يتصدق بها ونحو ذلك من التصرفات.

ومما يدل على جواز تصرف المهدى إليه في الهدية بجميع أنواع التصرفات الشرعية ما ورد في الحديث عن أنس - رضي الله عنه -: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بلحم تصدق به على بريرة - وهي مولاة عائشة - فقال: هو عليها صدقة وهو لنا هدية) رواه البخاري ومسلم. وقد ذكر الحافظ ابن حجر أنه يؤخذ من الحديث أن الهدية تملك بوضعها في بيت المهدى له ولا يحتاج إلى التصريح بالقبول وأن لمن تصدق عليه بصدقة أن يتصرف فيها بما يشاء. فتح الباري ١١/ ٣٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>