للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويأخذوا أنفسهم بالعمل بها وهكذا يكون موعظة له وذكرى تقشعر منه جلودهم وتلين به قلوبهم ويكون شفاء لما في الصدور من الجهل والضلال وطهارة للنفوس من أدران الشكوك وما ارتكبته من المعاصي والذنوب وجعله سبحانه هدى ورحمة لمن فتح له قلبه وألقى إليه السمع وهو شهيد قال الله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) وقال: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ) وقال: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) وجعل الله سبحانه القرآن معجزة لرسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - وآية باهرة على أنه رسول الله من عند الله إلى الناس كافة رحمة بهم وإقامة للحجة عليهم قال تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِءَايَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) وقال: (تِلْكَءَايَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ) وقال: (تِلْكَءَايَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ) إلى غير ذلك من الآيات، وإذاً فالقرآن كتاب هداية وتشريع ومواعظ وعبر وبيان للأحكام وآية بالغة ومعجزة باهرة وحجة دامغة أيد الله بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولم ينزله سبحانه ليكتب كلمة أو آية منه على ساعات الدليل زينة لها أو ترويجاً لها وإغراء بشرائها أو

ليتخذها حاملها حرزاً له إلى جانب استخدامها في معرفة الجهات فكتابة آية من القرآن أو اكثر على ساعات الدليل أو نحوها فيه انحراف بالقرآن عما أنزل من أجله واستعماله فيما فيه إزراء به وإهانة له بتعريضه إلى ما لا يليق به من الأوساخ والأقذار ودخول بيت الخلاء به ونحو ذلك ومع هذا فهو عمل مخالف لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهدي أصحابه رضي الله عنهم ولما كان عليه السلف الصالح فعلى من آمن بالقرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام وأراد الخير لنفسه أن يبتغي البركة وصلاح شؤونه في دينه ودنياه من الله سبحانه بتلاوة كتابه الكريم والعمل به في عباداته ومعاملاته ليفيض سبحانه عليه ويعظم له الأجر ويحفظه في كل أحواله وييسر له سائر شؤونه.

<<  <  ج: ص:  >  >>