للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التضاد كما تقرر في الأصول وثالثها أنه يحتمل أن تكون المعازف المنصوص على تحريمها هي المقترنة بشرب الخمر كما ثبت في رواية بلفظ: (ليشربن أناس من أمتي الخمر تروح عليهم القيان وتغدو عليهم المعازف) ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط وإلا لزم أن الزنى المصرح به في الحديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله وأيضاً يلزم في مثل قوله تعالى:

(إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين فإن قيل تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الإلزام قد علم من دليل آخر فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضاً كما سلف على أنه لا ملجأ إلى ذلك حتى يصار إليه ورابعها أن يكون المراد يستحلون مجموع الأمور المذكورة فلا يدل على تحريم واحد منها على الانفراد وقد تقرر أن النهي عن الأمور المتعددة أو الوعيد على مجموعها لا يدل على تحريم كل فرد منها ويجاب عنه بما تقدم في الذي قبله] نيل الأوطار ٨/ ١١٥ - ١١٦.

ويكفي هذا القدر من كلام أهل العلم وإلا فالمسألة فيها كلام كثير للعلماء في إبطال كلام ابن حزم ومن تابعه. وينبغي أن يعلم أنه على الرغم من كون الشيخ ابن حزم من كبار الفقهاء المجتهدين إلا أن له أوهاماً ليست قليلة في علم الحديث كتسرعه في الحكم على الرجال تعديلاُ وتجريحاً فوقع في أوهام شنيعة كتضعيفه بعض أحاديث الصحيحين وتجهيله عدداً من الرواة الثقاة وغير ذلك من الأوهام ولا يتسع المقام للتفصيل ومن أراد التوسع فيه فلينظر كتاب (الصناعة الحديثية عند ابن حزم) للشيخ علي رضا فقد ذكر مئة وثمانين وهماً لابن حزم في الأحاديث.

وأما كلام الشيخ القرضاوي عن هشام بن عمار الذي روى عنه الإمام البخاري الحديث السابق فكلام غير مقبول وغير مسلم.

فهشام بن عمار هذا قال عنه الحافظ الذهبي: [الإمام الحافظ المقرئ عالم أهل الشام ... خطيب دمشق ... فقد كان من أوعية العلم ... وثقه

<<  <  ج: ص:  >  >>