العموم والخصوص والإطلاق والتقييد والتشريك والترتيب في الشرع من ألفاظه الشارع فكذلك تعرف في الوقف من ألفاظ الواقف.
مع أن التحقيق في هذا أن لفظ الواقف ولفظ الحالف والشافع والموصي وكل عاقد يحمل على عادته في خطابه ولغته التي يتكلم بها، سواء وافقت العربية العرباء أو العربية المولدة أو العربية الملحونة أو كانت غير عربية وسواء وافقت لغة الشارع أو لم توافقها فإن المقصود من الألفاظ دلالتها على مراد الناطقين بها فنحن نحتاج إلى معرفة كلام الشارع لأن معرفة لغته وعرفه وعادته تدل على معرفة مراده وكذلك في خطاب كل أمة وكل قوم فإذا تخاطبوا بينهم في البيع والإجارة أو الوقف أو الوصية أو النذر أو غير ذلك بكلام رجع إلى معرفة مرادهم وإلى ما يدل على مرادهم من عادتهم في الخطاب وما يقترن بذلك من الأسباب.
وأما أن تجعل نصوص الواقف أو نصوص غيره من العاقدين كنصوص الشارع في وجوب العمل بها فهذا كفر باتفاق المسلمين إذ لا أحد يطاع في كل ما يأمر به من البشر - بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والشروط إن وافقت كتاب الله كانت صحيحة. ... وإن خالفت كتاب الله كانت باطلة كما ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خطب على منبره وقال: (ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل. وإن كان مئة شرط كتاب الله أحق وشرط الله أوثق] مجموع الفتاوى ٣١/ ٤٧ - ٤٨.
وقال العلامة ابن القيم: [فالصواب الذي لا تسوغ الشريعة غيره عرض شرط الواقفين على كتاب الله سبحانه وعلى شرطه، فما وافق كتابه وشرطه فهو صحيح وما خالفه كان شرطاً باطلاً مردوداً ولو كان مئة شرط وليس ذلك بأعظم من رد حكم الحاكم إذا خالف حكم الله ورسوله ومن رد فتوى للمفتي وقد نص الله سبحانه على رد وصية الجانف في وصيته والآثم فيها مع أن الوصية تصح في غير قربة وهي أوسع من الوقف وقد صرح صاحب الشرع برد كل عمل ليس عليه أمره فهذا الشرط مردود بنص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يحل لأحد أن يقبله ويعتبره ويصححه ...