دعوى الإلهية واستيلائه وعظيم فتنته ولذلك عظم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمره وحذر منه وتعوذ من فتنته فيكون معنى هذا الحديث: أن من قرأ هذه الآيات وتدبرها ووقف على معناها حذره فأمن من ذلك وقيل: هذا من خصائص هذه السورة كلها فقد روي: (من حفظ سورة الكهف ثم أدرك الدجال لم يسلط عليه) وعلى هذا تجتمع رواية من روى: (من أول سورة الكهف) ورواية من روى: (من آخرها) ويكون ذكر العشر على جهة الاستدراج في حفظها كلها وقيل: إنما كان ذلك لقوله: (قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ) فإنه يهون بأس الدجال. وقوله:(وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا)، فإنه يهون الصبر على فتن الدجال بما يظهر من جنته وناره وتنعيمه وتعذيبه. ثم ذمه تعالى لمن اعتقد الولد يفهم منه أن من ادعى الإلهية أولى بالذم وهو الدجال ثم قصة أصحاب الكهف فيها عبرة تناسب العصمة من الفتن وذلك أن الله تعالى حكى عنهم أنهم قالوا:(رَبَّنَاءَاتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا)، فهؤلاء قوم ابتلوا فصبروا وسألوا
إصلاح أحوالهم فأصلحت لهم وهذا تعليم لكل مدعو إلى الشرك ومن روى من آخر الكهف فلما في قوله تعالى:(وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا)، فإن فيه ما يهون ما يظهره الدجال من ناره] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ٢/ ٤٣٩ - ٤٤٠.
وقال الطيبي: [كما أن أولئك الفتية عصموا من ذلك الجبار كذلك يعصم الله القارىء أي قارئ سورة الكهف من الجبار واللام للعهد وهو الذي يخرج في آخر الزمان ويدعي الألوهية لخوارق تظهر على يديه كقوله للسماء أمطري فتمطر لوقتها وللأرض أنبتي فتنبت لوقتها زيادة في الفتنة ولذلك لم توجد فتنة على وجه الأرض أعظم من فتنته وما أرسل من نبي إلا حذره قومه أو للجنس فإن الدجال من يكثر منه الكذب والتلبيس ومنه الحديث: (يكون في آخر الزمان دجالون كذابون) أي مموهون وفي حديث: (لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالاً)] عمل اليوم والليلة لابن السني ص٤١٠.