لوجوب الزكاة فعليه أداؤها فهو غني وغير فقير قال القرطبي عند ذكر اختلاف العلماء في حد الفقر: [وقال أبو حنيفة: من معه عشرون ديناراً أو مئتا درهم فلا يأخذ من الزكاة، فاعتبر النصاب لقوله عليه الصلاة والسلام:(أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردّها في فقرائكم) وهذا واضح ورواه المغيرة عن مالك] تفسير القرطبي ٨/ ١٧١ - ١٧٢.
وأما القوي المكتسب فلا تحل له الزكاة، والقوي المكتسب هو من كان صحيحاً في بدنه ويجد عملاً يكتسب منه ما يسد حاجته فهذا لا يعطى من الزكاة لأن الواجب عليه أن يعمل ويكسب ليكفي نفسه وعياله ولا يجوز أن يكون عاطلاً عن العمل باختياره ويمد يده ليأخذ من أموال الزكاة وهذا مذهب جمهور أهل العلم. انظر المجموع ٦/ ٢٢٨.
وعلى ذلك دلت الأدلة كما في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي) وهذا الحديث وإن كان قد ورد في ذو المرة السوي مطلقاً إلا أنه مقيد بالحديث الآخر وهو قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ولا حظ فيها لغني ولا لذي قوة مكتسب) وهو حديث صحيح كما سبق. قال الإمام النووي:[من يكسب كل يوم كفايته لا يجوز له أخذ الزكاة] روضة الطالبين ٢/ ٣١٠.
وقال الإمام البغوي بعد أن ذكر الحديث:[فيه دليل على أن القوي المكتسب الذي يغنيه كسبه لا يحل له الزكاة ولم يعتبر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظاهر القوة دون أن يضم إليه الكسب لأن الرجل قد يكون ظاهر القوة غير أنه أخرق لا كسب له فتحل له الزكاة وإذا رأى الإمام السائل جلداً قوياً شك في أمره وأنذره وأخبره بالأمر كما فعل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإن زعم أنه لا كسب له أو له عيال لا يقوم كسبه بكفايتهم قبل منه وأعطاه] شرح السنة ٦/ ٨١ - ٨٢.
فإذا لم يجد الكسوب عملاً حلت له الزكاة قال الإمام النووي:[قال أصحابنا وإذا لم يجد الكسوب من يستعمله حلت له الزكاة]. المجموع ٦/ ١٩١.
وقال الشيخ القرضاوي: [والخلاصة أن القادر على الكسب الذي يحرم عليه الزكاة هو الذي تتوافر فيه الشروط التالية: