الخبرين السابقين على الأولين للتنويع وعلى الثالث للتخيير والمعتبر في غالب القوت غالب قوت السنة كما في المجموع لا غالب قوت وقت الوجوب خلافاً للغزالي في وسيطه] مغني المحتاج ٢/ ١١٧ - ١١٨.
وبناء على ما تقدم يظهر لنا أن الأصناف المذكورة في أحاديث صدقة الفطر ليست على التعيين وإنما هي من باب التمثيل لأنها كانت غالب قوت أهل المدينة على عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإن تقدير قيمة صدقة الفطر يكون على هذا الأساس وعليه فإن تقدير القيمة في بلادنا يكون على أساس القمح والطحين والأرز والخبز لأن هذه الأصناف هي غالب قوت أهل بلدنا فيؤخذ متوسط أسعار هذه المواد فيكون هو مقدار قيمة صدقة الفطر وقد جربت ذلك بنفسي اليوم فوجدت أن قيمة صدقة الفطر ستة شواكل تقريباً أو دينار أردني إذا تقرر هذا فإنه لا يصح الادعاء بأن تقدير صدقة الفطر بالمبلغ المذكور سابقاً (ستة شواكل) غير صحيح وأن الصواب أنه ثلاثة أضعافه لأن قائل هذا القول زعم أنه لا بد من الأخذ بعين الاعتبار ثمن صاع التمر وصاع الإقط عند تقدير قيمة صدقة الفطر.
فهذا الكلام مردود لأن التمر والإقط لا يعتبران قوتاً غالباً في بلادنا فلذلك لا يدخلان في تقدير قيمة صدقة الفطر وتقديرها بستة شواكل هو الصحيح وهذا هو الحد الأدنى لصدقة الفطر فإن رغب أحد في أن يدفع أكثر من ذلك فلا حرج عليه بل هو زيادة في الخيرات. كما قال الله سبحانه وتعالى:(فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) سورة البقرة الآية ١٨٤. ويدل على ذلك أيضاً ما ورد في الحديث عن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال:
(بعثني النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مصدقاً - أي لجمع الزكاة - فمررت برجل فلما جمع لي ماله لم أجد عليه فيه إلا ابنة مخاض فقلت له أدّ ابنة مخاض فإنها صدقتك فقال ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر ولكن هذه ناقة فتية عظيمة سمينة فخذها فقلت له ما أنا بآخذ ما لم أؤمر به وهذا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منك قريب فإن أحببت أن تأتيه فتعرض عليه ما عرضت عليَّ فافعل فإن قبله منك قبلته وإن رده عليك رددته قال فإني فاعل فخرج معي وخرج بالناقة التي