على التجار التحلي بها، وهذه الضوابط والقيم مستمدة من كتاب الله تعالى ومن سنة نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن سير الصحابة والسلف في تعاملهم التجاري.
قال أبو حامد الغزالي: [وقد أمر الله تعالى بالعدل والإحسان جميعاً، والعدل سبب النجاة فقط وهو يجري من التجار مجرى رأس المال والإحسان وسبب الفوز ونيل السعادة وهو يجري من التجارة مجرى الربح ولا يعد من العقلاء من قنع في معاملات الدنيا برأس ماله فكذا في معاملات الآخرة فلا ينبغي للمتدين أن يقتصر على العدل واجتناب الظلم ويدع أبواب الإحسان وقد قال الله تعالى:(وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) وقال عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) وقال سبحانه: (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) ونعني بالإحسان فعل ما ينتفع به العامل وهو غير واجب عليه ولكنه تفضل منه فإن الواجب يدخل في باب العدل وترك الظلم] إحياء علوم الدين ٢/ ٨٠ - ٨١.
وكذلك فإن الصدق والأمانة والنصيحة من أعظم أخلاق التجار فقد ورد في الحديث عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقيين والشهداء) رواه الترمذي وقال حديث حسن. سنن الترمذي ٣/ ٥١٥ وفيه ضعف منجبر كما قال الألباني في غاية المرام ص ١٢٤. وعن رفاعة - رضي الله عنه - أنه خرج مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون فقال:(يا معشر التجار فاستجابوا لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه فقال: إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من اتقى الله وبرَّ وصدق) رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح. سنن الترمذي ٣/ ٥١٦ ورواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. وغير ذلك من الأحاديث.
ومن الأمور التي ينبغي للتجار ألا يتعاملوا بها الغبن، وهو أن يُغلب أحد المتبايعين، وهو نوع من الخداع. قال أبو حامد الغزالي: [. فينبغي أن لا يغبن صاحبه بما لا يتغابن به في العادة فأما أصل المغابنة فمأذون فيه لأن البيع للربح ولا يمكن ذلك إلا بغبن ما ولكن يراعى فيه التقريب فإن بذل المشتري زيادة على الربح المعتاد إما لشدة رغبته أو لشدة حاجته