اعتداء على حق الله وحق العبد ولذلك كان في شرعية القصاص إبقاء للحقين وإخلاء للعالم من الفساد، تصديقاً لقول الله تعالى:(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) سورة البقرة الآية ١٧٩.
وغلب حق العبد لأن ولي المقتول يملك رفع دعوى القصاص أو عدم رفعها وبعد المطالبة بالقصاص والحكم على الجاني القاتل يملك التنازل عنه والصلح على مال أو الصلح بغير عوض كما يملك تنفيذ حكم القصاص على القاتل إن أراد ذلك وكان يتقن التنفيذ ولا يجوز ذلك إلا بإذن الحاكم لئلا يفتات عليه فلو فعل وقع القصاص موقعه واستحق التعزير] الموسوعة الفقهية ١٨/ ١٨ - ١٩.
وأما إذا ارتكب الإنسان المعاصي ثم تاب منها فإن العلماء قد بينوا ما هو أثر التوبة على حقوق الله وحقوق العباد فإذا كانت المعصية متعلقة بحقوق الله المالية فلا بد للتائب منها أن يؤدي حقوق الله تعالى ولا يكفي مجرد الإقلاع عن المعصية.
قال الإمام النووي:[. ثم إن كانت المعصية لا يتعلق بها حق مالي لله تعالى ولا للعباد كقبلة الأجنبية ومباشرتها فيما دون الفرج فلا شيء عليه سوى ذلك، وإن تعلق بها حق مالي كمنع الزكاة والغصب والجنايات في أموال الناس وجب مع ذلك تبرئة الذمة عنه] روضة الطالبين ١١/ ٢٤٥ - ٢٤٦. وذكر الخطيب الشربيني أن حق الله تعالى كالزكاة والكفارات لابد من أدائها. مغني المحتاج ٤/ ٤٤٠. وقال الإمام النووي أيضاً:[وإن تعلق بالمعصية حق ليس بمالي فإن كان حدا لله تعالى بأن زنى أو شرب الخمر فإن لم يظهر عليه فله أن يظهره ويقر به ليقام عليه الحد ويجوز أن يستر على نفسه وهو الأفضل، فإن ظهر فقد فات الستر فيأتي الإمام ليقيم عليه الحد] روضة الطالبين ١١/ ٢٤٦ - ٢٤٧ وكلام النووي يدل على أن الحدود المختصة بالله تعالى كحد الزنا والسرقة وشرب الخمر لا تسقط بمجرد التوبة ولا بد من إقامة الحد وهذا مذهب جمهور الفقهاء. انظر الموسوعة الفقهية ١٨/ ١٨ - ١٩.