استفعال من القسم والسين فيه للطلب وعوضهم بهذا الدعاء الذي هو توحيد وافتقار وعبودية وتوكل وسؤال لمن بيده الخير كله الذي لا يأت بالحسنات إلا هو ولا يصرف السيئات إلا هو الذي إذا فتح لعبده رحمة لم يستطع أحد حبسها عنه وإذا أمسكها لم يستطع أحد إرسالها إليه من التطير والتنجيم واختيار الطالع ونحوه.
فهذا الدعاء هو الطالع الميمون السعيد طالع أهل السعادة والتوفيق الذين سبقت لهم من الله الحسنى لا طالع أهل الشرك والشقاء والخذلان الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف يعلمون. فتضمن هذا الدعاء الإقرار بوجوده سبحانه والإقرار بصفات كماله من كمال العلم والقدرة والإرادة والإقرار بربوبيته وتفويض الأمر إليه والاستعانة به والتوكل عليه والخروج من عهدة نفسه والتبري من الحول والقوة إلا به واعتراف العبد بعجزه عن علمه بمصلحة نفسه وقدرته عليها وإرادته لها وأن ذلك كله بيد وليه وفاطره وإلهه الحق] زاد المعاد ٢/ ٤٤٣ - ٤٤٤.
والاستخارة مشروعة في الأمور المباحة التي يُشكل على الإنسان فيها وجه الخير ومنها الزواج فيشرع للإنسان قبل أن يقدم على الزواج الاستخارة ويدل على ذلك حديث أبي أيوب السابق ويدل عليه أيضاً ما ورد في قصة زواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -من زينب بنت جحش كما رواها أنس - رضي الله عنه -: [لما انقضت عدة زينب قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لزيد: فاذكرها عليَّ، قال: فانطلق زيد حتى أتاها وهي تخمر عجينها، قال فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذكرها فوليتها ظهري ونكصت على عقبي، فقلت يا زينب أرسل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يذكرك، قالت ما أنا بصانعة شيئاً حتى أؤامر ربي فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن. إلخ الحديث) رواه مسلم.
قال الإمام النووي: [قولها (ما أنا بصانعة شيئاً حتى أؤامر ربي فقامت إلى مسجدها) أي موضع صلاتها من بيتها، وفيه استحباب صلاة الاستخارة لمن همَّ بأمر سواء كان ذلك الأمر ظاهر الخير أم لا وهو موافق لحديث جابر في صحيح البخاري قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعلمنا الاستخارة