والشرط الثاني هو المقدرة على الإنفاق على الزوجتين أو أكثر ويدل على ذلك قوله تعالى:(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) سورة النور الآية ٣٣
[فقد أمر الله تعالى بهذه الآية الكريمة من يقدر على النكاح ولا يجده بأي وجه تعذر أن يستعفف، ومن وجوه تعذر النكاح من لا يجد ما ينكح به من مهر، ولا قدرة له على الإنفاق على زوجته. وكذلك يستدل على شرط الإنفاق بقوله تعالى:(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) سورة النساء الآية ٣.
فقد روي عن الإمام الشافعي أنه قال في معنى:(ألا تعولوا) أي لا يكثر عيالكم. وفي هذا إشارة إلى شرط الإنفاق؛ لأن الخوف من كثرة العيال لما تؤدي إليه هذه الكثرة من ضرورة كثرة الإنفاق التي قد يعجز عنها من يريد الزواج بأكثر من واحدة، فيفهم من ذلك أن القدرة على الإنفاق على الزوجات عند إرادة التعدد شرط لإباحة هذا التعدد، كذلك قد يستدل على شرط القدرة على الإنفاق بالحديث الصحيح عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو قوله:(يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضُّ للبصر وأحفظ للفرج، فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء). فإذا لم يستطع على مؤونة الزواج لم يجز له الزواج وإن كان هو زواجه الأول، فمن باب أولى أن لا يباح له الزواج بالثانية - وعنده زوجة - إذا كان عاجزاً عن الإنفاق على الثانية مع إنفاقه على الأولى ثم إن الإقدام على الزيجة الثانية - مع علمه بعجزه عن الإنفاق عليها مع الأولى- عمل يتسم بعدم المبالاة بأداء حقوق الغير، ويعتبر من أنواع الظلم، والظلم لا يجوز في شرعة الإسلام.
وبناء على جميع ما تقدم، يعتبر من الظلم المحظور أن يقدم الرجل على الزواج بأخرى مع وجود زوجة عنده، ومع علمه بعجزه عن الإنفاق على زوجتيه الجديدة والقديمة] المفصل في أحكام المرأة ٦/ ٢٨٩.
وينبغي أن يعلم أن العدل بين الزوجات واجب شرعي ومن آثار العدل