قدامة المقدسي:[قد ذكرنا أن صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية بل يقع من غير قصد ولا خلاف في ذلك] المغني ٧/ ٣٩٧.
وأما الطلاق الكنائي فيكون باستعمال ألفاظ تحتمل الطلاق وغيره كقول الزوج لزوجته أخرجي من المنزل أو إلحقي بأهلك أو خليت سبيلك ونحو ذلك من الألفاظ. والطلاق بالكناية يقع إذا قصد الزوج الطلاق ونواه وأما إذا لم يقصده ولم ينوه فلا يقع. وهذا لأن الألفاظ الكنائية تحتمل الطلاق وغيره فلا يصرف اللفظ إلى الطلاق إلا بالنية وأما وقوعه بالنية فلأن اللفظ يحتمله فيصرف إليها بها. الموسوعة الفقهية ٢٩/ ٢٦.
ومما يدل على اعتبار النية في الطلاق الكنائي ما ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها: [أن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ودنا منها قالت: أعوذ بالله منك! فقال لها: (لقد عذت بعظيم؛ إلحقي بأهلك) رواه البخاري. وفي الصحيحين وغيرهما في حديث تخلف كعب بن مالك لما قيل له: إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يأمرك أن تعتزل امرأتك فقال: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال:(بل اعتزلها فلا تقربنَّها) فقال: لإمرأته الحقي بأهلك. فأفاد الحديثان أن هذه اللفظة تكون طلاقاً مع القصد ولا تكون طلاقاً مع عدمه] الروضة الندية ٢/ ٢٦٣ - ٢٦٤.
إذا تقرر هذا فنعود إلى رسالة السائل وما ذكر من ألفاظ كنائية فأقول إن ما قاله المالكية بوقوع الطلاق بلفظ اسقني الماء أو ساميحني أو اعفي عني إنما جاء بناءً على قولهم إن كناية الطلاق على قسمين: كناية ظاهرة وكناية خفية. انظر حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٢/ ٣٧٨ فما بعدها. وما ذكره السائل من لفظ اسقني الماء ولفظ سامحيني فهو كنايات خفية فأوقعوا بها الطلاق إن نوى الزوج الطلاق ولكن الذي يظهر لي أن الطلاق لا يقع بهذين اللفظين لأن هذه الألفاظ لا تستعمل في الطلاق لا لغة ولا عرفاً وهي غير محتملة للطلاق. قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [فأما ما لا يشبه الطلاق ولا يدل على الفراق كقوله: اقعدي وقومي وكلي واشربي واقربي وأطعميني واسقني وبارك الله عليك وغفر الله لك وما أحسنك وأشباه ذلك فليس بكناية ولا تطلق به وإن نوى لأن اللفظ لا يحتمل الطلاق فلو