فمعناه يفعلن ذلك طلباً للحسن وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن، أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه فلا بأس]. فبين رحمه الله أن المحرم ما كان المقصود منه التجميل والزيادة في الحسن وأما ما وجدت فيه الحاجة الداعية إلى فعله فإنه لا يشمله النهي والتحريم.
وهذا النوع من الجراحة وجدت فيه الحاجة كما تقدم لأن هذه العيوب منها ما يشتمل على بعض الآلام كتشوهات الحالب وأورامه وأورام الحويضة وكسور الوجه ومنها ما يشتمل على ما هو في حكم الألم من تأذي المصاب به من فوات مصلحة العضو كما في الأصابع الملتصقة وانسداد فتحة الشرج والشق الموجود في الشفة فكل هذه أضرار موجبة للترخيص واستثناء الجراحة المتعلقة بها من عموم النهي عن تغيير الخلقة.
ثانياً: إن هذا النوع لا يشتمل على تغيير الخلقة قصداً لأن الأصل فيه أنه يقصد منه إزالة الضرر، والتجميل والحسن جاء تبعاً.
ثالثاً: إن إزالة التشوهات والعيوب الطارئة لا يمكن أن يصدق عليه أنه تغيير لخلقة الله، وذلك لأن خلقة العضو هي المقصودة من فعل الجراحة وليس المقصود إزالتها.
رابعاً: إن إزالة تشوهات الحروق والحوادث يعتبر مندرجاً تحت الأصل الموجب لجواز معالجتها فالشخص مثلاً إذا احترق ظهره أذن له في العلاج والتداوي وذلك بإزالة الضرر وأثره لأنه لم يرد نص يستثني الأثر من الحكم الموجب لجواز مداواة تلك الحروق فيستصحب حكمه إلى الآثار ويؤذن له بإزالتها وبناء على ما سبق فإنه لا حرج على الطبيب ولا على المريض في فعل هذا النوع من الجراحة والإذن به ويعتبر جواز إزالة العيوب الخلقية في هذا النوع مبنياً على وجود الحاجة الداعية إلى فعله وأما العيوب الحادثة بسبب الحروق والحوادث ونحوها فإنه تجوز إزالتها بدون ذلك الشرط اعتباراً للأصل الموجب لجواز مداواة نفس الحرق والجرح] أحكام الجراحة الطبية ص ١٨٥ - ١٨٧.