وفي رواية أخرى عند مسلم:[من اتخذ كلباً إلا كلب زرع أو غنم أو صيد ينقص من أجره كل يوم قيراط].
وعن سفيان بن أبي زهير وكان من أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(من اقتنى كلباً لا يغني عنه زرعاً ولا ضرعاً نقص من عمله قيراط) رواه البخاري ومسلم، وغير ذلك من الأحاديث.
وقد أخذ جمهور أهل العلم من هذه الأحاديث تحريم اقتناء الكلاب لغير حاجة مشروعة. انظر المغني ٤/ ١٩١. ككلاب الصيد والحراسة وكلاب تتبع أثر اللصوص أو التي تكشف عن المخدرات ونحوها وأما عدا ذلك فيحرم اقتناؤها كما تدل على ذلك الأحاديث السابقة.
قال الحافظ أبو العباس القرطبي: [واختلف في معنى قوله: (نقص من عمله كل يوم قيراطان) وأقرب ما قيل في ذلك قولان: أحدهما: أن جميع ما عمله من عمل ينقص لمن اتخذ ما نهي عنه من الكلاب بإزاء كل يوم يمسكه فيه جزءان من أجزاء ذلك العمل وقيل: من عمل ذلك اليوم الذي يمسكه فيه وذلك لترويع الكلب للمسلمين وتشويشه عليهم بنباحه ومنع الملائكة من دخول البيت ولنجاسته على ما يراه الشافعي.
الثاني: أن يحبط من عمله كله عملان أو من عمل يوم إمساكه - على ما تقدم - عقوبة له على ما اقتحم من النهي والله تعالى أعلم] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ٤/ ٤٥١ - ٤٥٢.
والكلب نجس العين على الراجح من أقوال أهل العلم وهو قول الشافعية والحنابلة وقول أبي حنيفة والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور وغيرهم. انظر المجموع ٢/ ٥٦٧، المغني ١/ ٣٦.
ويدل على ذلك قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب) رواه مسلم.
فهذا الحديث يدل على نجاسة الكلب لأنه لا غسل إلا من حدث أو نجس وليس هنا حدث فتعين النجس كما قال الصنعاني في سبل السلام ١/ ٢٢.