فنالته هذه الدعوة وذلك أنه لما فرغ الناس من أحد ورأى أمر الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ارتفاع وظهور ذهب إلى هرقل ملك الروم يستنصره على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوعده ومنَّاه وأقام عنده وكتب إلى جماعة من قومه من الأنصار من أهل النفاق والريب يعدهم ويمنيهم أنه سيقدم بجيش يقاتل به رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ويغلبه ويرده عما هو فيه وأمرهم أن يتخذوا له معقلاً يقدم عليهم فيه من يقدم من
عنده لأداء كتبه ويكون مرصداً له إذا قدم عليهم بعد ذلك فشرعوا في بناء مسجد مجاور لمسجد قباء فبنوه وأحكموه وفرغوا منه قبل خروج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى تبوك وجاءوا فسألوا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يأتي إليهم فيصلي في مسجدهم ليحتجوا بصلاته عليه السلام فيه على تقريره وإثباته وذكروا أنهم إنما بنوه للضعفاء منهم وأهل العلة في الليلة الشاتية. فعصمه الله من الصلاة فيه فقال:(إنا على سفر ولكن إذا رجعنا إن شاء الله) فلما قفل عليه السلام راجعاً إلى المدينة من تبوك ولم يبق بينه وبينها إلا يوم أو بعض يوم نزل عليه الوحي بخبر مسجد الضرار وما اعتمده بانوه من الكفر والتفريق بين جماعة المؤمنين في مسجدهم مسجد قباء الذي أسس من أول يوم على التقوى. فبعث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى ذلك المسجد منْ هدمه قبل مقدمه المدينة. كما قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله:(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا) وهم أناس من الأنصار ابتنوا مسجداً فقال لهم أبو عامر: ابنوا مسجداً واستعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآتي بجند من الروم وأخرج محمداً وأصحابه فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالوا: قد فرغنا من بناء مسجدنا فنحب أن تصلي فيه وتدعو لنا بالبركة. فأنزل الله تعالى:
(لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ. الظالمين)] تفسير ابن كثير ٣/ ٤٤٠ - ٤٤١.
وخلاصة الأمر أنه يحرم التلاعب بكلام رب العالمين كما فعل كاتب الورقة محل السؤال وأقول إنه يحرم تصوير هذه الورقة كما يحرم توزيعها على الناس لما فيها من الكذب على الله والدجل والخزعبلات والخرافات.