فإن لم يكن أكملها يقول الله سبحانه لملائكته انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع؟ فأكملوا بها ما ضيع من فريضته ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وهو حديث صحيح كما قال الألباني في صحيح سنن ابن ماجة ١/ ٢٤١.
وأما الحديث الثاني فقد رواه البخاري بإسناده عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أول ما يقضى بين الناس في الدماء) وفي رواية مسلم: (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء).
ولا تعارض بين هذا الحديث وحديث أبي هريرة في أن أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة لأن حديث أبي هريرة متعلق بحقوق الله سبحانه وتعالى والحديث الآخر متعلق بحقوق العباد أي إن أول حق من حقوق الله تعالى يحاسب عليه العبد هو الصلاة وأول حق من حقوق العباد يحاسب عليه العبد هو الدماء قال الإمام النووي:
[قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء) فيه تغليظ أمر الدماء وأنها أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة وهذا لعظم أمرها وكثير خطرها وليس هذا الحديث مخالفاً للحديث المشهور في السنن: (أول ما يحاسب به العبد صلاته) لأن هذا الحديث الثاني فيما بين العبد وبين الله تعالى وأما حديث الباب فهو فيما بين العباد والله أعلم بالصواب] شرح النووي على صحيح مسلم ٤/ ٣١٩.
وقال الحافظ ابن حجر: [ولا يعارض هذا حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه:(إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته) الحديث أخرجه أصحاب السنن لأن الأول محمول على ما يتعلق بمعاملات الخلق والثاني فيما يتعلق بعبادة الخالق وقد جمع النسائي في روايته في حديث ابن مسعود بين الخبرين ولفظه: (أول ما يحاسب العبد عليه صلاته وأول ما يقضي بين الناس في الدماء)] فتح الباري ١١/ ٤٨٢.
وقال العلامة القاري: [الأظهر أن يقال لأن ذلك من المنهيات وهذا في المأمورات أو الأول في المحاسبة والثاني في الحكم لما أخرج النسائي