من شئت، ثم لا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم] أخبار أبي حنيفة وأصحابه للصيمري ص١٠.
وقال الإمام مالك رحمه الله في رسالته إلى الليث فقيه مصر رحمه الله: [اعلم رحمك الله أنه بلغني أنك تفتي الناس بأشياء مختلفة، مخالفة لما عليه الناس عندنا وببلدنا الذي نحن فيه، وأنت في أمانتك وفضلك ومنزلتك من أهل بلدك، وحاجة من قِبَلك إليك واعتمادهم على ما جاء منك، حقيق بأن تخاف على نفسك وتتبع ما ترجو النجاة باتباعه، فإن الله تعالى يقول في كتابه العزيز:(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ) الآية، وقال تعالى:(فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) الآية، فإنما الناس تبع لأهل المدينة، إليها كانت الهجرة، وبها نزل القرآن، وأحلَّ الحلال وحُرم الحرام، إذ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -بين أظهرهم، يحضرون الوحي والتنزيل، ويأمرهم فيطيعونه، ويسن لهم فيتبعونه حتى توفاه الله واختار له ما عنده صلوات الله وسلامه عليه ورحمته وبركاته. ثم قام من بعده أتبع الناس له من أمته ممن ولي الأمر من بعده، بما نزل بهم، فما علموه أنفذوه، وما لم يكن عندهم فيه علم سألوا عنه، ثم أخذوا بأقوى ما وجدوا في ذلك في اجتهادهم، وحداثة عهدهم وإن خالفهم مخالف، أو قال امرؤ غيره أقوى منه وأولى، تُرك قوله] مالك للشيخ محمد أبو زهرة ص٢٤٥ - ٢٤٦.
وقال الإمام الشافعي رحمه الله عن الصحابة رضي الله عنهم:[وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من آرائنا عندنا لأنفسنا والله أعلم ومن أدركنا ممن أرضى أو حكي لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم يعلموا لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه سنة إلى قولهم إن اجتمعوا وقول بعضهم إن تفرقوا فهكذا نقول إذا اجتمعوا أخذنا باجتماعهم وإن قال واحدهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله فإن اختلفوا أخذنا بقول بعضهم ولم نخرج من أقاويلهم كلهم] المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي ١/ ٤٥.