وأما ما روي في الحديث عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء - رضي الله عنه -: (أن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قاء فتوضأ فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت له ذلك فقال: صدق أنا صببت له وضوءه) رواه أحمد والترمذي وغيرهما، وهو حديث مختلف فيه فمنهم من صححه ومنهم من ضعفه.
وأجاب الحافظ ابن عبد البر عن حديث أبي الدرداء بقوله:(وهذا حديث لا يثبت عند أهل العلم بالحديث ولا في معناه ما يوجب حكماً. لأنه يحتمل أن يكون وضوؤه ها هنا غسل فمه ومضمضته وهو أصل لفظ الوضوء في اللغة وهو مأخوذ من الوضاءة والنظر يوجب أن الوضوء المجتمع عليه لا ينتقض إلا بسنة ثابتة لا مدفع فيها أو إجماع ممن تجب الحجة بهم، ولم يأمر الله تعالى بإيجاب الوضوء من القيء ولا ثبت به سنة عن رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا اتفق الجميع عليه). الاستذكار ٢/ ١٣٧
وقال الإمام النووي:[وأما الجواب عن احتجاجهم بحديث أبي الدرداء فمن أوجه: أحسنها أنه ضعيف مضطرب، قاله البيهقي وغيره من الحفاظ، والثاني لو صح لحمل على ما تغسل به النجاسة وهذا جواب البيهقي وغيره، والثالث أنه يحتمل الوضوء لا بسبب القيء فليس فيه أنه توضأ من القيء. والجواب عن حديث ابن جريج من أوجه أحسنها أنه ضعيف باتفاق الحفاظ وضعفه من وجهين: أحدهما أن رواية إسماعيل بن عياش عن ابن جريج، وابن جريج حجازي، ورواية إسماعيل عن أهل الحجاز ضعيفة عند أهل الحديث. والثاني أنه مرسل قال الحفاظ: المحفوظ في هذا أنه عن ابن جريج عن أبيه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ممن قال ذلك الشافعي وأحمد بن حنبل ومحمد بن يحيى الذهلي وعبد الرحمن بن أبي حاتم عن أبيه وأبو زرعة وأبو أحمد بن عدي والدارقطني والبيهقي وغيرهم وقد بيَّن الدارقطني والبيهقي ذلك أحسن بيان] المجموع ١/ ٥٥.
وحديث ابن جريج الذي ذكره النووي وضعفه هو (إذا قاء أحدكم في صلاته أو قلس أو رعف فليتوضأ ثم ليبن على ما مضى ما لم يتكلم).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [والأظهر أنه لا يجب الوضوء من مس