للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعي:

فقال: فأنى ترى الرواية اختلفت فيه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فروى ابن مسعود خلاف هذا وروى أبو موسى خلاف هذا وجابر خلاف هذا وكلها قد يخالف بعضها بعضاً في شيء من لفظه ثم علم عمر خلاف هذا كله في بعض لفظه. وكذلك تشهد عائشة وكذلك تشهد ابن عمر ليس فيها شيء إلا في لفظه شيء غير ما في لفظ صاحبه وقد يزيد بعضها الشيء على بعض فقلت له: الأمر في هذا بين. قال: فأبنه لي؟ قلت: كل كلام أريد به تعظيم الله فعلمهم رسول الله فلعله جعل يعلمه الرجل فيحفظه والآخر فيحفظه، وما أخذ حفظاً فأكثر ما يحترس فيه منه إحالة المعنى فلم تكن فيه زيادة ولا نقص ولا اختلاف شيء من كلامه يحيل المعنى فلا تسع إحالته فلعل النبي أجاز لكل امرئ منهم كما حفظ إذا كان لا معنى فيه يحيل شيئاً عن حكمه ولعل من اختلفت روايته واختلف تشهده إنما توسعوا فيه فقالوا على ما حفظوا وعلى ما حضرهم وأجيز لهم قال: أفتجد شيئاً يدل على إجازة ما وصفت؟ فقلت: نعم. قال: وما هو؟ قلت: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال " سمعت عمر بن الخطاب يقول سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأها وكان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقرأنيها فكدت أعجل عليه ثم أمهلته حتى انصرف ثم لببته بردائه فجئت به إلى النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلت: يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها فقال له رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اقرأ فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هكذا أنزلت ثم قال لي: اقرأ فقرأت فقال: هكذا أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر. قال: فإذا كان الله لرأفته بخلقه أنزل كتابه على سبعة أحرف معرفة منه بأن الحفظ قد يزل ليحل لهم قراءته وإن اختلف اللفظ فيه ما لم يكن في اختلافهم إحالة معنى كان ما سوى كتاب الله أولى

أن يجوز فيه اختلاف اللفظ ما لم يحل معناه وكل ما لم يكن فيه حكم فاختلاف اللفظ فيه لا يحيل معناه. وقد قال بعض التابعين لقيت أناساً من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاجتمعوا في المعنى واختلفوا عليَّ في اللفظ فقلت لبعضهم ذلك فقال لا بئس ما لم يحيل المعنى قال

<<  <  ج: ص:  >  >>