عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - إنهم كانوا يقولون بعد وفاة الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " السلام على النبي ورحمة الله وبركاته " فهذا من اجتهاداته - رضي الله عنه -التي خالفه فيها من هو أعلم منه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فإنه خطب الناس على منبر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقال في التشهد " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله " كما رواه مالك في الموطأ بسند من أصح الأسانيد وقاله عمر بمحضر الصحابة رضي الله عنهم وأقروه على ذلك ثم إن الرسول عليه الصلاة والسلام علَّم أمته حتى إنه كان يعلم ابن مسعود وكفه بين كفيه من أجل أن يستحضر هذا اللفظ وكان يعلمهم إياه كما يعلمهم السورة من القرآن وهو يعلم أنه سيموت لأن الله قال له (إنك ميت وإنهم ميتون) ولم يقل بعد موتي قولوا " السلام على النبي " بل علَّمهم التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن بلفظها ولذلك لا يعول على اجتهاد ابن مسعود بل يقال " السلام عليك أيها النبي "] الشرح الممتع ٣/ ٢٠٩ - ٢١٠.
وقد أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السعودية برئاسة الشيخ ابن باز عن سؤال نصه: [في التشهد هل يقول الإنسان " السلام عليك أيها النبي " أم يقول " السلام على النبي " لأن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال كنا نقول قبل وفاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " السلام عليك أيها النبي " وبعد موته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كنا نقول " السلام على النبي "؟ الجواب: الصحيح أن يقول المصلي في التشهد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته لأن هذا هو الثابت في الأحاديث وأما ما روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - في ذلك إن صح عنه فهو اجتهاد من فاعله لا يعارض به الأحاديث الثابتة ولو كان الحكم يختلف بعده وفاته عنه في حياته لبينه لهم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] فتاوى اللجنة الدائمة ٧/ ١٠ - ١١.
وخلاصة الأمر أن القول بأن من الغلط أن يقول المصلي في تشهده " السلام عليك أيها النبي " قول خاطئ وتحجير لواسع وظهر لنا من أقوال كبار أهل العلم أن الأمر فيه سعة وأن المصلي إذا جاء بأي صيغة من صيغ التشهد الثابتة عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإن ذلك مجزئ إن شاء الله تعالى.