محمد بن سيرين قال:[لا أعلم بالصلاة بين السواري بأساً]. وروى بإسناده أن سعيد بن جبير كان يؤمهم بين ساريتين. مصنف ابن أبي شيبة ٢/ ٣٧٠.
وكذلك رخص جماعة من الفقهاء في الصلاة بين السواري فقد ورد عن الإمام أحمد أنه لا يكره ذلك ورخص فيه ابن سيرين ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر. انظر غاية المرام شرح مغني ذوي الأفهام ٦/ ٣٤٣.
وكلام هذه الطائفة من أهل العلم يمكن حمله على أن عدم الكراهة يكون في حال عدم الحاجة:[ويكره ذلك بلا حاجة فإن كان ثم حاجة كضيق المسجد وكثرة الجماعة لم يكره] المصدر السابق ٦/ ٣٤٣.
ومما يؤكد لنا هذا المعنى أنه قد ورد في رواية حديث عبد الحميد عند ابن حبان:
- وهو الحديث الأول المذكور سابقاً - قال: صليت إلى جنب أنس بن مالك بين السواري. إلخ. صحيح ابن حبان ٥/ ٥٩٧. فهذا أنس - رضي الله عنه - قد صلى بين السواري ولو كانت الصلاة بين السواري باطلة لما صلى أنس - رضي الله عنه -. وبناء على ما تقدم فلا يصح حمل النهي الوارد في الأحاديث السابقة على التحريم، فليس كل نهي وارد في الشرع يدل على التحريم، فإن كثيراً من النواهي الشرعية تدل على الكراهة التنزيهية، وكذلك فليس كل نهي وارد في الشرع يدل على البطلان والفساد فمثلا ورد النهي عن التخصر في الصلاة كما رواه البخاري ومسلم وحمله جمهور العلماء على الكراهة ولم يقولوا بإبطال صلاة المتخصر. وهنالك أمثلة كثيرة على أن النهي لا يفيد بطلان المنهي عنه دائماً.
وخلاصة الأمر أن الصلاة بين السواري في المسجد الأقصى صحيحة لأن بناء المسجد الأقصى قائم على عدد كبير من السواري ولا يمكن للصفوف أن تتم بدون الوقوف بين السواري. ولا ينبغي لأحد أن يتشدد في هذه المسألة وأمثالها مما يؤدي إلى حدوث بلبلة بين المصلين وإلى تشكيك الناس في صحة صلاتهم.