وقال الإمام النووي في موضع آخر: [وأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فجوابه من أوجه أحدها: أنه ضعيف باتفاق الحفاظ وممن نص على ضعفه الإمام أحمد بن حنبل وأبو بكر بن المنذر والبيهقي وآخرون قال أحمد هذا الحديث مما انفرد به صالح مولى التوأمة وهو مختلف في عدالته لكن معظم ما عابوا عليه الاختلاط قالوا وسماع ابن أبي ذئب ونحوه منه قبل الاختلاط وهذا الحديث من رواية ابن أبي ذئب عنه والله أعلم والوجه الثاني إن الذي ذكره أبو داود في روايته في جميع نسخ كتابه المعتمدة (فلا شيء عليه) وعلى هذا لا دلالة فيه لو صح وأما رواية (فلا شيء له) فهي مع ضعفها غريبة ولو صحت لوجب حملها على (فلا شيء عليه) للجمع بين الروايات وقد جاء مثله في القرآن كقوله: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا) أي فعليها. الثالث: أجاب به الخطابي وسائر أصحابنا في كتب المذهب أنه لو ثبت لكان محمولاً على نقصان الأجر لأن المصلي عليها في المسجد ينصرف غالباً إلى أهله ومن صلى عليها في الصحراء حضر دفنها غالباً فنقص أجر الأول ويكون التقدير فلا أجر كامل له كقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا صلاة بحضرة الطعام) أي لا صلاة كاملة] المجموع ٥/ ٢١٤ .......
وقد احتج جماعة من أهل العلم برواية (فلا شيء له) ومنهم العلامة ابن القيم: [وهذا الحديث حسن فإنه من رواية ابن أبي ذئب عنه وسماعه منه قديم قبل اختلاطه فلا يكون اختلاطه موجباً لرد ما حدث به قبل الاختلاط وقد سلك الطحاوي في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا وحديث عائشة مسلكاً آخر فقال: صلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على سهيل ابن بيضاء في المسجد منسوخة وترك ذلك آخر الفعلين من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بدليل إنكار عامة الصحابة ذلك على عائشة وما كانوا ليفعلوه إلا لما علموا خلاف ما نقلت. ورد ذلك على الطحاوي جماعة منهم: البيهقي وغيره قال البيهقي: ولو كان عند أبي هريرة - رضي الله عنه - نسخ ما روته عائشة لذكره يوم صلي على أبي بكر الصديق في المسجد ويوم صلي على عمر بن الخطاب في المسجد ولذكره من أنكر على عائشة أمرها بإدخاله المسجد ولذكره أبو هريرة حين روت فيه الخبر وإنما أنكره من لم يكن له معرفة بالجواز فلما