لما أن (في) للظرفية المنبئة عن إحاطتهم بها وكونهم محلها ومركزها وعليه فاللام لمجرد الاختصاص، وفي الانتصاف أن ثم سراً آخر هو أظهر وأقرب وذلك أن الأصناف الأوائل ملاك لما عساه أن يدفع إليهم وإنما يأخذونه تملكاً فكان دخول اللام لائقاً بهم وأما الأربعة الأواخر فلا يملكون لما يصرف نحوهم بل ولا يصرف إليهم ولكن يصرف في مصالح تتعلق بهم فالمال الذي يصرف في الرقاب إنما يتناوله السادة المكاتبون أو البائعون فليس نصيبهم مصروفاً إلى أيديهم حتى يعبر عن ذلك باللام المشعرة بملكهم لما يصرف نحوهم وإنما هم محال لهذا الصرف ولمصالحه المتعلقة به، وكذلك الغارمون إنما يصرف نصيبهم لأرباب ديونهم تخليصاً لذممهم لا لهم، وأما في سبيل الله فواضح فيه ذلك، وأما ابن السبيل فكأنه كان مندرجاً في سبيل الله وإنما أفرد بالذكر تنبيهاً على خصوصيته مع أنه مجرد من الحرفين جميعاً] روح المعاني ٥/ ٣١٤.
وجاء في توصيات الندوة الثالثة لقضايا الزكاة المعاصرة المنعقدة في الكويت سنة ١٤١٣هـ ما يلي: [التمليك في الأصناف الأربعة الأولى المذكورة في آية مصارف الزكاة (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ.) شرط في إجزاء الزكاة والتمليك يعني دفع مبلغ من النقود أو شراء وسيلة النتاج كآلات الحرفة وأدوات الصنعة وتمليكها للمستحق القادر على العمل] أبحاث فقهية في قضايا الزكاة المعاصرة ٢/ ٨٨٦ .......
إذا تقرر هذا فإني أرى أنه لا يجوز تحويل أموال الزكاة إلى قروض حسنة تسترجع من الطلبة مستقبلاً لأن هذا يعني أن الزكاة لم توضع في مصارفها الشرعية فهذه الأموال المقرضة ستستمر في الدوران بين الطلبة وبين الصندوق كلما أخذها طالب ردها إلى الصندوق ليأخذها آخر وهكذا وبالتالي لا تكون الزكاة قد وقعت في أيدي مستحقيها ومن المعلوم أن المكلف بإخراج الزكاة أما أن يدفع مال الزكاة للمستحقين وأما أن يدفعه للإمام الذي يتولى إيصاله لمستحقيه أو من يقوم مقامه ولا تبرأ الذمة إلا بأحد الأمرين.