الفاضلة مبرأة مبرأٌ أهلها من هذه النسبة بل لا يصلح للعامي مذهب ولو تمذهب به فالعامي لا مذهب له لأن المذهب إنما يكون لمن له نوع نظرٍ واستدلال ويكون بصيرأً بالمذاهب على حسبه أو لمن قرأ كتاباً في فروع ذلك المذهب وعرف فتاوى إمامه وأقواله.
وأما من لم يتأهل لذلك البته بل قال أنا شافعي أو حنبلي أو غير ذلك لم يصر كذلك بمجرد القول كما لو قال: أنا فقيهٌ أو نحوي أو كاتب لم يصر كذلك بمجرد قوله.
يوضحه أن القائل أنه شافعي أو حنفي أو مالكي يزعم أنه متبع لذلك الإمام سالك طريقه وهذا إنما يصح له إذا سلك سبيله في العلم والمعرفة والاستدلال.
فأما مع جهله وبعده جداً عن سيرة الإمام وعلمه وطريقه فكيف يصح له الانتساب إليه إلا بالدعوى المجردة والقول الفارغ من كل معنى؟
والعامي لا يتصور أن يصح له مذهب ولو تصور ذلك لم يلزمه ولا لغيره ولا يلزم أحد قط أن يتمذهب بمذهب رجل من الأمة بحيث يأخذ أقواله كلها ويدع أقوال غيره.
وهذه بدعةٌ قبيحة حدثت في الأمة لم يقل بها أحد من أئمة الإسلام وهم أعلى رتبة وأجل قدراً وأعلم بالله ورسوله من أن يلزموا الناس بذلك.
وأبعد منه قول من قال يلزمه أن يتمذهب بمذهب عالم من العلماء وأبعد منه قول من قال يلزمه أن يتمذهب بأحد المذاهب الأربعة. أعلام الموقعين ٤/ ٢٦٢.
ويضاف إلى ما قاله ابن القيم أن الأئمة الأربعة وغيرهم قد حذروا الناس من اتباعهم في كل ما قالوا وفي كل ما ذهبوا إليه.
ونقول هذا الذي يزعم أن على المسلم اتباع مذهب فقهيٍ أنه ملزم بأخذ أقوال ذلك المذهب وعدم الخروج عنها بأن هذا زعم باطل ترده أقوال الأئمة أصحاب المذاهب المعروفة، وإليك بعضها:
١. قال الإمام أبو حنيفة مخاطباً صاحبه أبا يوسف: [ويحك يا