سألت عنه على منهاج قول مالك الذي نعتقد صحته أن ذلك جائز لأن الحضانة حق للأم إن شاءت أخذته وإن شاءت تركته واختلف هل ذلك حق لها تنفرد به دون الابن أم لا؟ فقيل: إنها تنفرد به دونه. وقيل: إنها لا تنفرد به دونه وإن له فيها حقاً معها لأنه إنما وجبت لها من أجل أنها أرفق به من أبيه وأرأف عليه منه وهذا معنى ما يعبر به من الاختلاف في الحضانة. هل هي حق للأم أو للولد؟ فعلى القولين بأنها حق لها تنفرد به دون الابن يلزمها تركها له على عوض أو على غير عوض ولا يكون لها أن ترجع فيها. وعلى القول بأن ذلك حق للولد لا يلزمها تركها ويكون لها أن ترجع فيها إن تركتها أيضاً على عوض أو على غير عوض وترجع في العوض إن كانت تركتها على عوض. ولا وجه لقول من منع ذلك واحتج بما ذكر لأن ما اتفقنا عليه إنما هو صلح صالحها بما أعطاها على أن أسلمت إليه ابنه وتركت له حقاً في حضانتها إياه. وقد قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً). وليس في ترك الحضانة له بما بذل لها ذلك تحليل حرام أو تحريم حلال فوجب أن يجوز ذلك. وإنما جاز عند مالك وأصحابه رحمهم الله إذا خافت المرأة نشوز زوجها عليها وخشيت مفارقته إياها أن تترك له حقها الذي أوجب الله لها عليه في أن لا يؤثر عليها من سواها من أزواجه على مال يعطيها إياه بدليل قول الله عز وجل:(وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ......
وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) سورة النساء الآية ١٢٨. جاز أن تترك له حقها في حضانة ولدها منه على مال يعطيها إياه إذ لا فرق في المعنى بين الموضعين]. ثم ذكر ابن رشد كلاماً في الرد على من منع ذلك انظر فتاوى ابن رشد ٣/ ١٥٤٦ - ١٥٤٧ وانظر المعيار المعرب ٤/ ٥١٨ - ٥٢٠.
وقال الشيخ محمد عليش في فتح العلي المالك [وأما إذا أسقطت الحضانة بعد وجوبها فذلك لازم لها وسواء أسقطت ذلك بعوض، أو بغير عوض].
وما قرره ابن رشد المالكي ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال: [وقياس المذهب عندي جواز أخذ العوض عن سائر حقوقها من القسم