جرم أن حَكَمَ عليه بالبطلان الحافظان الجليلان الذهبي والعسقلاني كما تقدم النقل عنهما ومما يدل على بطلانه أن الحديث صريح في أن آدم عليه السلام عرف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عقب خلقه وكان ذلك في الجنة وقبل هبوطه إلى الأرض وقد جاء في حديث إسناده خير من هذا أنه لم يعرفه إلا بعد نزوله إلى الهند وسماعه في اسمه بالآذان] سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ١/ ٤٠ - ٤١.
والحديث الذي أشار إليه الألباني هو:(نزل آدم بالهند واستوحش فنزل جبريل فنادى بالأذان الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله مرتين وأشهد أن محمداً رسول الله مرتين قال آدم: من محمد؟ قال: آخر ولدك من الأنبياء - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ثم حكم الألباني على هذا الحديث بأنه ضعيف ثم قال: [وهذا الحديث مع ضعفه أقوى من الحديث المتقدم بلفظ: (لما اقترف آدم الخطيئة يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي فقال الله: يا آدم وكيف عرفت محمد ولم أخلقه؟.) وهو صريح في أن آدم عليه السلام كان يعرف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو في الجنة قبل هبوطه إلى الأرض ولذلك سأل جبريل: ومن محمد؟ فهذا من أدلة بطلان ذلك الحديث كما سبق بيانه عند تحقيق الكلام على وضعه فتذكر أو راجع إن شئت. وأنا لا أجيز لنفسي الاحتجاج بمثل هذا الحديث كما هو ظاهر ولكن التحقيق العلمي يسمح برد الحديث الواهي بالحديث الضعيف ما دام ضعفه أقل منه كما لا يخفى على من مارس هذا العلم الشريف] سلسلة الأحاديث الضعيفة ١/ ٣٩٦ - ٣٩٧ .......
ولعل من سيئات الكذب على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بهذا الحديث أن صار الناس يكتبون في كثير من اللوحات (الله، محمد) وهذا لا يجوز شرعاً لأنه يوحي بأن الله جل جلاله ومحمداً - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في منزلة واحدة والأمر ليس كذلك وقد قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لرجل قال له: ما شاء الله وشئت قال: أجعلتني لله نداً بل ما شاء الله وحده) رواه البخاري في الأدب المفرد وهو حديث صحيح كما قال الألباني في السلسلة الصحيحة حديث رقم ١٣٩.