إلا سألته عنه وحوله عصابة من المسلمين يستفتونه فجعلت أتخطاهم قالوا إليك يا وابصة عن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قلت دعوني فأدنو منه فإنه أحب الناس إليَّ أن أدنو منه قال: دعوا وابصة، ادن يا وابصة مرتين أو ثلاثاً قال فدنوت منه حتى قعدت بين يديه فقال يا وابصة أخبرك أو تسألني، قلت لا بل أخبرني، فقال: جئت تسألني عن البر والإثم، فقال نعم فجمع أنامله فجعل ينكت بهن في صدري ويقول: يا وابصة استفت قلبك واستفت نفسك ثلاث مرات البر ما اطمأنت إليه النفس والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك) رواه أحمد بإسناد حسن كما قال المنذري في الترغيب وحسنه النووي أيضاً وقال الألباني: حسن لغيره. انظر صحيح الترغيب والترهيب ٢/ ٣٢٣.
ورواه الدارمي بسنده عن وابصة بن معبد الأسدي أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لوابصة جئت تسأل عن البر والإثم قال قلت نعم قال فجمع أصابعه فضرب بها صدره وقال استفت نفسك استفت قلبك يا وابصة ثلاثاً البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك) ......
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي: [ومعنى قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (استفت قلبك.) يعني أن ما حاك في صدر الإنسان فهو إثم وإن أفتاه غيره بأنه ليس بإثم فهذه مرتبة ثانية وهو أن يكون الشيء مستنكراً عند فاعله دون غيره وقد جعله أيضاً إثماً وهذا إنما يكون إذا كان صاحبه ممن شرح صدره للإيمان وكان المفتي يفتي له بمجرد ظن أو ميل إلى هوى من غير دليل شرعي. فأما ما كان مع المفتي به دليل شرعي فالواجب على المفتى الرجوع إليه وإن لم ينشرح له صدره وهذا كالرخصة الشرعية مثل الفطر في السفر والمرض وقصر الصلاة في السفر ونحو ذلك مما لا ينشرح به صدور كثير من الجهال فهذا لا عبرة به] جامع العلوم الحكم ص٣٢٠ ......
وقال القاضي البيضاوي: [المعنى أن الشيء إذا أشكل على السالك والتبس ولم يتبين أنه من أي القبيلين هو فليتأمل فيه إن كان من أهل الاجتهاد وليسأل المجتهدين إن كان من المقلدين فإن وجد ما تسكن إليه