للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الزمان الذي ضعف فيه العلم وأهله وقلَّ فيه أهل الاجتهاد.

والدراسة الجماعية للمسائل المستجدة هو ما تقوم به المجامع الفقهية كمجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي والمجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي. وبناءً على ما سبق فإن من منهجي في سلسلة كتابي يسألونك أني أرجع إلى آراء المجامع العلمية والفقهية وآخذ بها لأنني اعتقد أن رأي الجماعة خير من رأي الفرد وأقرب إلى الصواب، فقد ورد عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: قلت: (يا رسول الله إن نزل بنا أمرٌ ليس فيه بيان أمر ولا نهي، فما تأمرني؟ قال: شاوروا فيه الفقهاء والعابدين ولا تمضوا فيه رأي خاصة). رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثقون من أهل الصحيح كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد ١/ ١٧٨.

وهذه هي أيضاَ طريقة أبي بكر - رضي الله عنه -، فعن ميمون بن مهران قال: (كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصوم نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به، وإن لم يكن في الكتاب، وعلم من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك الأمر سنة قضى به، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين، وقال: أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قضى في ذلك بقضاء؟ فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكر من رسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه قضاءاً، فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ على نبينا، فإن أعياه أن يجد فيه سنة من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشارهم، فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به) رواه الدارمي في سننه ١/ ٤٢.

وعن المسيب بن رافع قال: كانوا إذا نزلت بهم قضية ليس فيها من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أثر، اجتمعوا لها وأجمعوا، فالحق فيما رأوا، فالحق فيما رأوا. رواه الدارمي في سننه ١/ ٣٧.

وقال عبيدة السلماني لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: رأيك مع رأي عمر في الجماعة أحب إلينا من رأيك وحدك. وهذه الآثار كلها من باب الاجتهاد الجماعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>