[والأصح من مذهب أبي حنيفة أن القرآن هو النظم والمعنى جميعاً والمراد بالنظم العبارات وبالمعنى مدلولاتها. وصح رجوع أبي حنيفة عن الإجزاء بالمعنى في الصلاة لوجوب القراءة بها لقوله تعالى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ} سورة المزمل الآية٢٠. ولا ينطبق حد القرآن على المعنى وحده بل حد القرآن ينطبق على مجموع العبارة والمعنى] بيان معاني البديع ج١/ ق٢/ ٩١٥.
وما نسب إلى أبي حنيفة رحمه الله أنه يجيز قراءة القرآن بغير العربية فقد بُنِيَ على قول منسوب لأبي حنيفة أن القرآن اسم للمعنى فقط والنظم ركن زائد، ولكن لم يثبت هذا عنه كما حقق ذلك الأصوليون من الحنفية، انظر كشف الأسرار على أصول البزدوي ١/ ٢٥، التقرير والتحبير ٢/ ٢١٣ - ٢١٤، فواتح الرحموت ٢/ ٨ - ٩.
إذا تقرر هذا التأصيل فإن جماهير أهل العلم منعوا قراءة القرآن بغير العربية في الصلاة وخارج الصلاة حيث إن ترجمة القرآن لا تسمى قرآناً وقد أُمرنا بقراءة القرآن:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ}.
قال الإمام النووي:[مذهبنا أنه لا يجوز قراءة القرآن بغير لسان العرب سواء أمكنه العربية أو عجز عنها وسواء كان في الصلاة أو غيرها فإن أتى بترجمته في صلاة بدلاً عن القراءة لم تصح صلاته سواء أحسن القراءة أم لا، هذا مذهبنا وبه قال جماهير العلماء منهم مالك وأحمد وداود] المجموع ٣/ ٣٧٩ - ٣٨٠. وقال الإمام النووي أيضاً:
[واحتج أصحابنا بحديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه سمع هشام بن حكيم يقرأ سورة على غير ما يقرأ عمر فلببه بردائه وأتى به رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وذكر الحديث، رواه البخاري ومسلم، فلو جازت الترجمة لأنكر عليه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعتراضه في شيء جائز، واحتجوا أيضاً بأن ترجمة القرآن ليست قرآناً لأن القرآن هو هذا النظم المعجز وبالترجمة يزول الإعجاز فلم يجز وكما أن الشعر يخرجه ترجمته عن كونه شعراً فكذا القرآن] المجموع ٣/ ٣٨٠. ثم نقل الإمام النووي كلام إمام الحرمين في المسألة فقال: [ترجمة القرآن ليست