جماعة من أهل العلم وهو قول الحنفية وقول في مذهب الحنابلة والمالكية، فقد قال الكمال بن الهمام الحنفي:[ويجوز الجلوس للمصيبة ثلاثة أيام، وهو خلاف الأَولى] شرح فتح القدير٢/ ١٥٠. وذكر الشيخ علاء الدين الحصكفي الحنفي أنه لا بأس بالجلوس للتعزية في غير مسجد ثلاثة أيام. وبين العلامة ابن عابدين أن استعمال لا بأس في كلام الحصكفي على حقيقته لأن الجلوس خلاف الأَوْلى وقد سبق ذلك في كلام ابن الهمام. انظر رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ٢/ ٢٤١. ونقل الطحطاوي عن بعض الحنفية أنه لا بأس بالجلوس لها ثلاثة أيام من غير ارتكاب محظور، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص ٣٣٩.
وقال المرداوي الحنبلي:[وعنه - أي الإمام أحمد- الرخصة فيه لأنه عزى وجلس، قال الخلال: سهَّل الإمام أحمد في الجلوس إليهم في غير موضع ... ] الإنصاف ٢/ ٥٦٥ وانظر أيضاً حاشية الدسوقي المالكي على الشرح الكبير ١/ ٤١٩.
وقد قال جماعة من العلماء بأن الجلوس للعزاء مكروه واستدلوا على ذلك بما ورد عن جرير بن عبد اللَّه البجلي - رضي الله عنه - قال:(كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة). رواه أحمد وابن ماجة وإسناده صحيح وهذا الأثر لا يدل على منع الجلوس للعزاء وإنما يدل على منع الجلوس مع صنع أهل الميت للطعام فهذان الأمران من النياحة وأما مجرد الجلوس للعزاء فلا يعد من النياحة ويضاف إلى ذلك أنه مع كثرة الناس واتساع المدن والقرى فمن الصعوبة بمكان تعزية أهل الميت دون فتح بيت للعزاء يجلسون فيه ليقصدهم من أراد تعزيتهم وقد كان في الزمن الماضي يمكن تعزية أهل الميت في الطريق أو السوق أو في أي مكان لقيتهم فيه فكيف يمكن أن يتحقق ذلك في المدن الكبيرة وخاصة مع كثرة الناس وانشغالهم في أعمالهم فقد يؤدي القول بمنع الجلوس للتعزية إلى تفويت سنة التعزية ويدل على جواز الاجتماع للتعزية ما رواه البخاري بإسناده عن عروة عن عائشة زوج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (أنها كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع لذلك النساء ثم تفرقن إلا أهلها وخاصتها أمرت ببرمة من