إن رواية (فاقدروا له) معناها: قدروه بحساب المنازل وأنه خطاب لمن خصه الله بهذا العلم وأن قوله (فأكملوا العدة) خطاب للعامة. فتح الباري ٤/ ١٢٢، شرح النووي على صحيح مسلم ٣/ ١٥٥. واحتجوا بحديث:(إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا) فالأمر باعتماد الرؤية وحدها جاء معللاً بعلة منصوصة وهي إن الأمة لا تكتب ولا تحسب والعلة تدور مع المعلول وجوداً وعدماً فإذا وصلت الأمة إلى حال في معرفة هذا العلم باليقين في حساب أوائل الشهور وأمكن أن يثقوا به ثقتهم بالرؤية أو أقوى صار لهم الأخذ بالحساب في إثبات أوائل الشهور. ليست حقيقة الرؤية شرطاً في اللزوم لأن الاتفاق على أن المحبوس في المطمورة إذا علم بالحساب بإكمال العدة أو بالاجتهاد بالأمارات أن اليوم من رمضان وجب عليه الصوم وإن لم ير الهلال ولا أخبره من رآه] مجلة مجمع الفقه الإسلامي عدد ٣ جزء ٢/ ٨٢٩.
وقد بين العلامة مصطفى الزرقا رأيه في هذه المسألة وما اعتمد عليه بقوله: [إن النظر إلى جميع الأحاديث النبوية الصحيحة الواردة في هذا الموضوع وربط بعضها ببعض وكلها واردة في الصوم والإفطار يبرز العلة السببية في أمر الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأن يعتمد المسلمون في بداية الشهر ونهايته رؤية الهلال بالبصر لبداية شهر الصوم ونهايته ويبين أن العلة هي كونهم أمة أمية لا تكتب ولا تحسب أي ليس لديهم علم وحساب مضبوط يعرفون به متى يبدأ الشهر ومتى ينتهي ما دام الشهر القمري يكون تارة تسعة وعشرين يوماً وتارة ثلاثين.
وهذا يدل بمفهومه أنه لو توافر العلم بالنظام الفلكي المحكم الذي أقامه الله تعالى بصورة لا تختلف ولا تتخلف وأصبح هذا العلم يوصلنا إلى معرفة يقينية بمواعيد ميلاد الهلال في كل شهر وفي أي وقت بعد ولادته تمكن رؤيته بالعين الباصرة السليمة إذ انتفت العوارض الجوية التي قد تحجب الرؤية فحينئذ لا يوجد مانع شرعي من اعتماد هذا الحساب والخروج بالمسلمين من مشكلة إثبات الهلال ومن الفوضى التي أصبحت مخجلة بل مذهلة حيث يبلغ فرق الإثبات للصوم بين مختلف الأقطار