رمضان في يوم ذي غيم ورأى أنه قد أمسى وغابت الشمس فجاءه رجل فقال يا أمير المؤمنين طلعت الشمس فقال عمر: الخطب يسير وقد اجتهدنا) قال مالك يريد بقوله (الخطب يسير) القضاء فيما نرى والله أعلم وخفة مؤونته ويسارته يقول نصوم يوماً مكانه.
وقال الحافظ ابن عبد البر:[وروى الثوري عن جبلة بن سحيم عن علي بن حنظلة عن أبيه: أنه شهد عمر. فذكر القصة وقال: يا هؤلاء! من كان أفطر فإن القضاء يوم يسير ومن لم يكن أفطر فليتم صومه] الاستذكار ١٠/ ٣٥. ثم ذكر الحافظ ابن عبد البر قولاً آخر عن عمر أنه لا قضاء على المفطر خطأً، ثم قال:[فهذا خلاف عن عمر - رضي الله عنه - في هذه المسألة والرواية الأولى أولى بالصائم إن شاء الله] الاستذكار ١٠/ ١٧٥. وقد صحح الإمام البيهقي الروايات الواردة عن عمر بالقضاء وضعف الرواية الواردة بعدم القضاء ثم ذكر روايةً تفيد أن جماعة أفطروا مع صهيب - رضي الله عنه - صاحب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في شهر رمضان في يوم غيم فبينما هم يتعشون إذ طلعت الشمس فقال صهيب: طعمة الله أتموا صيامكم إلى الليل واقضوا يوماً مكانه] سنن البيهقي ٤/ ٢١٧ - ٢١٨.
واستدل الشيخ ابن قدامة المقدسي لقول الجمهور بقوله:[ولنا أنه أكل مختاراً ذاكراً للصوم فأفطر كما لو أكل يوم الشك ولأنه جهل بوقت الصيام فلم يعذر به كالجهل بأول رمضان ولأنه يمكن التحرز فأشبه أكل العامد وفارق الناسي فإنه لا يمكن التحرز منه وأما الخبر فرواه الأثرم أن عمر قال من أكل فليقض يوماً مكانه ورواه مالك في الموطأ أن عمر قال الخطب يسير يعني خفة القضاء وروى هشام بن عروة عن فاطمة امرأته عن أسماء قالت أفطرنا على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في يوم غيم ثم طلعت الشمس قيل لهشام أمروا بالقضاء قال لا بد من قضاء أخرجه البخاري] المغني ٣/ ٢٤٧.
ومقتضى قول الجمهور التفريق بين الناسي والمخطئ في الأكل في نهار رمضان فإن النسيان آفة طبيعية في الإنسان خارجة عن إرادته والنسيان