للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وإسناده صحيح، ورواته غير مجروحين ولا متهمين، وذلك يوجب العمل به، وسائر الأحاديث ليس فيها ما يعارضه، لأنها تدل على صومه مضافاً، فيحمل النهي على صومه مفرداً كما ثبت في يوم الجمعة.

ونظير هذا الحكم أيضاً: كراهية إفراد رجب بالصوم وعدم كراهيته موصولاً بما قبله أو بعده ونظيره أيضاً: ما حمل الإمام أحمد عليه حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة في النهي عن الصوم بعد انتصاف شعبان: أنه النهي عن ابتداء الصوم فيه، وأما صومه مع ما قبله من نصفه الأول، فلا يكره.

قالوا وقد جاء هذا مصرحاً به في صوم يوم السبت ففي مسند الإمام أحمد من حديث ابن لهيعة: حدثنا ابن وردان عن عبيد الأعرج حدثتني جدتي يعني الصماء (أنها دخلت على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم السبت، وهو يتغدى، فقال: تعالي تغدي فقالت: إني صائمة، فقال لها: أصمت أمس؟ قالت: لا، قال: كلي فإن صيام يوم السبت لا لك، ولا عليك) وهذا - وإن كان في إسناده من لا يحتج به إذا انفرد - لكن يدل عليه ما تقدم من الأحاديث وعلى هذا: فيكون معنى قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لا تصوموا يوم السبت) أي لا تقصدوا صومه بعينه إلا في الفرض فإن الرجل يقصد صومه بعينه، بحيث لو لم يجب عليه إلا صوم يوم السبت، كمن أسلم ولم يبق من الشهر إلا يوم السبت، فإنه يصومه وحده. وأيضاً فقصده بعينه في الفرض لا يكره، بخلاف قصده بعينه في النفل، فإنه يكره ولا تزول الكراهة إلا بضم غيره إليه، أو موافقته عادة، فالمزيل للكراهة في الفرض مجرد كونه فرضاً، لا المقارنة بينه وبين غيره وأما في النفل فالمزيل للكراهة ضم غيره إليه أو موافقته عادة، ونحو ذلك ... إلخ.

ثم انتقل ابن القيم للكلام على سبب كراهية صومه منفرداً، فقال: ثم اختلف هؤلاء في تعليل الكراهة، فعللها ابن عقيل: بأنه يوم يمسك فيه اليهود، ويخصونه بالإمساك، وهو ترك العمل فيه، والصائم في مظنة ترك العمل، فيصير صومه تشبهاً بهم، وهذه العلة منتفية في الأحد. ولا يقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>