فعن قتادة أنَّ أنساً - رضي الله عنه - أخبره قال:(اعتمر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي كانت مع حجته عمرة من الحديبية في ذي القعدة وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة وعمرة من الجعرانة حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة وعمرة مع حجته) رواه البخاري ومسلم.
ويؤيده ما ورد عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها قالت:(لم يعتمر رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا في ذي القعدة) رواه ابن ماجه بإسناد صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري٣/ ٧٥٨.
وأما ما ورد عن ابن عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -اعتمر في رجب كما روى ذلك البخاري ومسلم عن مجاهد قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالس إلى حجرة عائشة رضي الله عنها وإذا ناس يصلون في المسجد صلاة الضحى، قال: فسألناه عن صلاتهم، فقال: بدعة، ثم قال له: كم اعتمر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: أربعاً إحداهن في رجب، فكرهنا أن نرد عليه، قال: وسمعنا استنان عائشة أم المؤمنين في الحجرة، فقال عروة: يا أماه يا أم المؤمنين ألا تسمعين ما يقول
أبو عبد الرحمن؟ قالت: ما يقول؟ قال: يقول إن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعتمر أربع عمرات إحداهن في رجب، قالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر عمرة إلا وهو شاهده وما اعتمر في رجب قط) رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [قوله: (يرحم الله أبا عبد الرحمن) هو عبد الله بن عمر ذكرته بكنيته تعظيماً له ودعت له إشارة إلى أنه نسي, وقوله:(وما اعتمر) أي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (عمرة إلا وهو) أي ابن عمر (شاهده) أي حاضر معه, وقالت ذلك مبالغة في نسبته إلى النسيان, ولم تنكر عائشة على ابن عمر إلاّ قوله إحداهن في رجب] فتح الباري ٣/ ٧٥٩.
وفي رواية مسلم (قال أخبرني عروة بن الزبير قال: كنت أنا وابن عمر مستندين إلى حجرة عائشة وإنا لنسمع ضربها بالسواك تستن، قال: فقلت يا أبا عبد الرحمن اعتمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في رجب؟ قال: نعم، فقلت لعائشة: أي أمتاه ألا تسمعين ما يقول