للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ... وإنما لم يصح ذلك لمعنيين: أحدهما أنه إذا شرط دراهم معلومة احتمل أن لا يربح غيرها , فيحصل على جميع الربح واحتمل أن لا يربحها فيأخذ من رأس المال جزءاً وقد يربح كثيرا ً فيستضر من شرطت له الدراهم والثاني أن حصة العامل ينبغي أن تكون معلومة بالأجزاء لما تعذر كونها معلومة بالقدر , فإذا جهلت الأجزاء فسدت كما لو جهل القدر فيما يشترط أن يكون معلوماً به ولأن العامل متى شرط لنفسه دراهم معلومة , ربما توانى في طلب الربح لعدم فائدته فيه وحصول نفعه لغيره بخلاف ما إذا كان له جزء من الربح] المغني ٥/ ٢٨.

ومن المعلوم أن الربا من كبائر الذنوب وتحريمه قطعي في كتاب الله سبحانه وتعالى وفي سنة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} سورة البقرة الآيتان ٢٧٥ - ٢٧٦. وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} سورة البقرة الآيتان ٢٧٨ - ٢٧٩. وورد في الحديث: (لعن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء) رواه مسلم.

والوجه الثاني لبطلان المعاملة المذكورة في السؤال هو أن التاجر قد ضمن رأس المال وهذا الشرط لا يجوز شرعاً لأن يد المضارب يد أمانة وليست يد ضمان ولا يضمن المضارب إلا إذا فرَّط أو قصَّر أو أخلَّ بما شرط عليه صاحب المال والمضاربة مشاركة بالمال من جهة وبالعمل من جهة أخرى فإذا حصلت خسارة فهي على رب المال ويخسر العامل جهده وتعبه فشرط ضمان التاجر لرأس المال ينافي مقتضى العقد فلا يجوز، قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [إذا تعدى المضارب وفعل ما ليس له فعله أو اشترى شيئاً نُهي عن شرائه فهو ضامن للمال في قول أكثر أهل العلم روي

<<  <  ج: ص:  >  >>