للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن النصوص الدالة على جواز أخذ التعويض المالي قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} سورة البقرة الآية ١٩٤. وقال تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} سورة النحل الآية ١٢٦. ومما يدل على مشروعية التعويض بالمال قصة داود وسليمان عليهما السلام في الغنم التي نفشت في الحرث قال تعالى: {وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّاءَاتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} سورة الأنبياء الآيات ٧٨ - ٧٩. قال الشوكاني: [فإن قلت فما حكم هذه الحادثة التي حكم فيها داود وسليمان في هذه الشريعة المحمدية والملة الإسلامية قلت قد ثبت عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من حديث البراء أنه شرع لأمته أن على أهل الماشية حفظها بالليل وعلى أصحاب الحوائط حفظها بالنهار وأن ما أفسدت المواشي بالليل مضمون على أهلها وهذا الضمان هو مقدار الذاهب عيناً أو قيمةً وقد ذهب جمهور العلماء إلى العمل بما تضمنه هذا الحديث] تفسير فتح القدير ٣/ ٤١٨.

ومما يدل على ذلك أيضاً ما ورد في الحديث عن حرام بن محيصة (أن ناقة للبراء دخلت حائطاً فأفسدت فيه فقضى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها) رواه أحمد ومالك. وفي رواية أخرى (أن ناقة للبراء بن عازب دخلت حائط رجل فأفسدته عليهم فقضى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أهل الأموال حفظها بالنهار وعلى أهل المواشي حفظها بالليل) رواه أبو داود وابن ماجة وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ٢/ ٦٨١.

وقال الشافعي عن الحديث السابق أخذنا به لثبوته واتصاله ومعرفة رجاله، التلخيص الحبير ٤/ ٨٦، والحائط هو البستان إذا كان عليه جدار. عون المعبود ٩/ ٣٥٠، وحديث ناقة البراء يعتبر أصلاً في تضمين أصحاب الحيوانات لما أتلفته حيواناتهم ليلاً لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على أهلها). قال الحافظ ابن عبد البر: [ضامن هنا بمعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>