وجوه الربا هو القرض الذي يشترط فيه المقرض منفعة لنفسه فهو ممنوع شرعاً. إذا تقرر هذا فأعود إلى السؤال فأقول إن ما يعرف بجمعية الموظفين هو اتفاق مجموعة من الموظفين على أن يدفع كل منهم مبلغاً متساوياً من المال ويدفع مجموع المبالغ لأحدهم على رأس كل شهر وفي الشهر التالي يأخذه آخر وهكذا حتى تدور الدورة على جميع المشتركين. وهذه المعاملة تعتبر من تبادل القروض وهي معاملة صحيحة شرعاً ولا علاقة لها بالربا وتوضيح ذلك كما يلي: أولاً: إن المقصود بهذه المعاملة (جمعية الموظفين) الإرفاق حيث إن القرض الحسن هو عقد إرفاق عند الفقهاء. انظر الموسوعة الفقهية ٣٣/ ١١. وما يفعله الموظفون في جمعية الموظفين إنما هو تسهيل أمورهم بأن يأخذ كل واحد منهم مجموع المبالغ التي يدفعها الجميع شهرياً فيأخذه كل منهم في كل مرة حسب مدة الجمعية وهذا العمل من باب التعاون على الخير وفيه ابتعاد عن القروض المحرمة شرعاً.
ثانياً: إن القرض المحرم في الشريعة الإسلامية هو القرض المشروط بالزيادة عند السداد كما هو الحال في قروض البنوك الربوية التي تفرض فيها الفوائد (الربا) وهو ذات الربا المحرم في كتاب الله وسنة رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} سورة البقرة الآية ٢٧٥. وقال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} سورة البقرة الآية ٢٧٨.
وأما في جمعية الموظفين فلا يوجد زيادة على القرض حيث إن كل واحد من المشاركين في الجمعية يسترد المبالغ التي دفعها بدون زيادة فلذلك فهي قرض غير مشروط بزيادة نفع ولا ينطبق عليها ما ورد في الحديث السابق مع عدم ثبوته:(كل قرض جر نفعاً فهو ربا) [وذلك لأن المنفعة التي فيها الربا أو شبهته ويجب خلو القرض منها: هي الزيادة المشترطة للمقرض على مبلغ القرض في القدر أو الصفة وكذا المنفعة المشترطة له التي يبرز فيها ما يشبه العلاوة المالية كشرط المقرض على المقترض أن يحمل له مجاناً بضاعة يبذل عليها في العادة أجر أو أن يعيره شيئاً ليستعمله المقرض ونحو ذلك.