هو الرعي بالليل فكان هذا في الحرث الذي تفسده البهائم طبعاً بالرعي وتدعوها نفسها إلى أكله بخلاف غيره فلا يصح قياس غيره عليه] المغني ٩/ ١٨٩.
وأقول إن هذا تفريق غير مسلَّم فإن الشريعة لا تفرق بين متماثلين وما ذهب إليه شريح القاضي هو الراجح إن شاء الله فتضمينه لصاحب الشاة ما أتلفته من غزل الحائك عملاً بالمعنى الذي أرشد إليه حديث ناقة البراء حيث إن حفظ المال من مقاصد الشريعة وما قضى به شريح رواه عبد الرزاق بسنده عن الشعبي أن شاة وقعت في غزل حوَّاك فاختصموا إلى شريح فقال الشعبي: انظروه فإنه سيسألهم أليلاً وقعت فيه أو نهاراً؟ ففعل ثم قال: إن كان بالليل ضمن وإن كان بالنهار لم يضمن ثم قرأ شريح
: {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} قال: والنفش بالليل والهمل بالنهار. مصنف عبد الرزاق ١٠/ ٨٢. فلا معنىً للتفريق بين الزروع وغيرها.
وقد وجدتُ إشارات إلى عدم التفريق بين الزروع وغيرها في كلام بعض أهل العلم. قال الإمام النووي:[وأتلفت زرعاً أو غيره نظر إن أتلفته بالنهار فلا ضمان على صاحبها وإن أتلفته بالليل لزم صاحبها الضمان للحديث الصحيح ... ] روضة الطالبين ٧/ ٣٩٩. وينبغي أن يعلم أن القول بتضمين أصحاب الحيوانات ما أتلفته حيواناتهم ليلاً إنما يلزمهم الضمان إن قصروا في حفظ حيواناتهم ليلاً أما إن أخذوا بأسباب حفظها فانفلتت بدون تقصير منهم فأتلفت شيئاً فلا ضمان عليهم. قال الإمام النووي:[لو ربط بهيمة وأغلق بابه واحتاط على العادة ففتح الباب لص أو انهدم الجدار فخرجت ليلاً فلا ضمان إذ لا تقصير] روضة الطالبين ٧/ ٤٠٠.
وخلاصة الأمر أن صاحب الدابة المذكورة في السؤال ضامن لما أتلفته دابته ليلاً إن قصر في حفظها ولم يأخذ بالأسباب الموجبة لذلك فإن لم يقصر فلا ضمان عليه.