قال شيخ الإسلام ابن تيمية:[وأما التكفير فالصواب أن من اجتهد من أمة محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقصد الحق فأخطأ لم يكفر بل يغفر له خطؤه ومن تبين له ما جاء به الرسول فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين فهو كافر ومن اتبع هواه وقصر في طلب الحق وتكلم بلا علم فهو عاص مذنب ثم قد يكون فاسقاً وقد يكون له حسنات ترجح على سيئاته] مجموع فتاوى ابن تيمية ١٢/ ١٨٠.
وقال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين: [للحكم بتكفير المسلم شرطان: أحدهما: أن يقوم الدليل على أن هذا الشيء مما يكفر. الثاني: انطباق الحكم على من فعل ذلك بحيث يكون عالماً بذلك قاصداً له فإن كان جاهلاً لم يكفر لقوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} سورة النساء الآية ١١٥. وقوله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} سورة التوبة الآية ١١٥. وقوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} سورة الإسراء الآية١٥. لكن إن فرَّط بترك التعلم والتبين لم يعذر مثل أن يبلغه أن عمله هذا كفر فلا يتثبت ولا يبحث فإنه لا يكون معذوراً حينئذ. وإن كان غير قاصد لعمل ما يكفر لم يكفر بذلك مثل أن يكره على الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان ومثل أن ينغلق فكره فلا يدري ما يقول لشدة فرح ونحوه كقول صاحب البعير الذي أضلها ثم اضطجع تحت شجرة ينتظر الموت فإذا بخطامها متعلقاً بالشجرة فأخذه فقال:[اللهم أنت عبدي وأنا ربك] أخطأ من شدة الفرح] فتاوى العقيدة ص٢٦٣ - ٢٦٤.
وخلاصة الأمر أن الإقدام على التكفير أو التفسيق بغير دليل من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعتبر جرأة على دين الله وقولاً على الله بغير علم وهو على خلاف طريقة أهل العلم من سلفنا الصالح رضوان الله عليهم. فالحذر الحذر من إطلاق ألفاظ التكفير أو التفسيق أو التبديع بغير حجة ولا برهان.