وغير ذلك. وهذه الأحاديث والآثار تدل على وجوب الإنصات وتحريم الكلام أثناء خطبة الجمعة.
قال الحصكفي الحنفي:[فيحرم أكل وشرب وكلام ولو تسبيحاً أو رد سلام أو أمراً بمعروف بل يجب عليه أن يستمع ويسكت] الدر المختار شرح تنوير الأبصار٢/ ١٥٩.
وقال الشيخ ابن قدامة المقدسي:[ويجب الإنصات من حين يأخذ الإمام في الخطبة فلا يجوز الكلام لأحد من الحاضرين ونهى عن ذلك عثمان وابن عمر. وقال ابن مسعود: إذا رأيته يتكلم والإمام يخطب فاقرع رأسه بالعصا وكره ذلك عامة أهل العلم منهم: مالك وأبو حنيفة والأوزاعي ... ] ثم ذكر الشيخ ابن قدامة قول من لم يوجب الإنصات وذكر أدلة الجمهور ثم قال في الجواب عن أدلة المخالف: [ ... فتعين حمل أخبارهم على هذا جمعاً بين الأخبار وتوفيقاً بينها ولا يصح قياس غيره عليه لأن كلام الإمام لا يكون في حال خطبته بخلاف غيره وإن قدر التعارض فالأخذ بحديثنا أولى لأنه قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونصه وذلك سكوته والنص أقوى من السكوت] المغني ٢/ ٢٣٧ - ٢٣٨.
وقال ابن رشد المالكي في الرد على من لم يوجب الإنصات: [وأما من لم يوجبه: فلا أعلم لهم شبهة إلا أن يكونوا يرون أن هذا الأمر قد عارضه دليل الخطاب في قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} أي: أن ما عدا القرآن فليس يجب له الإنصات، وهذا فيه ضعف، والله أعلم، والأشبه أن يكون هذا الحديث لم يصلهم] بداية المجتهد ونهاية المقتصد١/ ١٢٧.
وينبغي أن يعلم أن فتح باب الاعتراض على خطيب الجمعة إنما هو فتح لباب من أبواب الشر وإن غلَّفوه بأنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وخاصة في بلادنا في ظل عدم وجود أي رادع يردع المتهورين ويمنع أصحاب الأهواء من الاعتراض على الخطباء كلما لم يعجبهم أمر يذكره خطيب، وإن فتح هذا الباب سيجعل الفوضى والتشويش يعمَّان المساجد