للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأوزاعي المذكورة (فاستأذنته عائشة فأذن لها وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت) وفي رواية ابن فضيل المذكورة (فاستأذنت عائشة أن تعتكف فأذن لها فضربت قبة, فسمعت بها حفصة فضربت قبة)] فتح الباري ٤/ ٣٥٠.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني أيضاً: [ ... قال ابن المنذر وغيره: في الحديث أن المرأة لا تعتكف حتى تستأذن زوجها وأنها إذا اعتكفت بغير إذنه كان له أن يخرجها, وإن كان بإذنه فله أن يرجع فيمنعها. وعن أهل الرأي إذا أذن لها الزوج ثم منعها أثم بذلك وامتنعت, وعن مالك ليس له ذلك, وهذا الحديث حجة عليهم] فتح الباري ٤/ ٣٥١.

ويشترط لصحة اعتكاف المرأة أمن الفتنة فلا يصح اعتكاف المرأة في مسجد لا يوجد فيه مكان خاص بالنساء لأنها حينئذ ستختلط بالرجال وهذا فيه مفاسد تنافي الحكمة من الاعتكاف ومن المعلوم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح وإن اعتكفت مجموعة من النساء في مسجد خاص بهن فأمر حسن إن كان المسجد آمناً. ولا يشترط لصحة اعتكاف المرأة أن يكون في مسجد تقام فيه الجمعة ولا الجماعة لأنهما ليستا واجبتين على المرأة.

قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [وللمرأة أن تعتكف في كل مسجد ولا يشترط إقامة الجماعة فيه لأنها غير واجبة عليها وبهذا قال الشافعي وليس لها الاعتكاف في بيتها وقال أبو حنيفة والثوري: لها الاعتكاف في مسجد بيتها وهو المكان الذي جعلته للصلاة منه واعتكافها فيه أفضل لأن صلاتها فيه أفضل وحكي عن أبي حنيفة أنها لا يصح اعتكافها في مسجد الجماعة (لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ترك الاعتكاف في المسجد لما رأى أبنية أزواجه فيه وقال: (آلبر تردن) ولأن مسجد بيتها موضع فضيلة صلاتها فكان موضع اعتكافها كالمسجد في حق الرجل. ولنا قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} والمراد به المواضع التي بنيت للصلاة فيها وموضع صلاتها في بيتها ليس بمسجد لأنه لم يبن للصلاة فيه وإن سمي مسجداً كان مجازاً فلا يثبت له أحكام المساجد الحقيقية كقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (جعلت لي الأرض

<<  <  ج: ص:  >  >>