للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويدل على ذلك قَوْلُ الرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اُنْصُرْ أَخَاك ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا) رواه البخاري, وَإِنَّ أَخْذَ الْحَقِّ مِنْ الظَّالِمِ نَصْرٌ لَهُ. انظر الموسوعة الفقهية الكويتية ٢٩/ ١٦٢ - ١٦٣.

ومما يدل على ذلك ما ورد في الحديث عن عائشة رضي الله عنها قالت: (دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيَّ إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل عليَّ في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك) رواه البخاري ومسلم.

قال الإمام النووي عند ذكر ما يستفاد من الحديث: [ومنها: أن من له على غيره حق وهو عاجز عن استيفائه يجوز له أن يأخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه, وهذا مذهبنا ... ] شرح النووي على صحيح مسلم ٤/ ٣٧٣.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [واستدل به على أن من له عند غيره حق وهو عاجز عن استيفائه جاز له أن يأخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه, وهو قول الشافعي وجماعة, وتسمى مسألة الظفر, والراجح عندهم لا يأخذ غير جنس حقه إلا إذا تعذر جنس حقه, وعن أبي حنيفة المنع, وعنه يأخذ جنس حقه ولا يأخذ من غير جنس حقه إلا أحد النقدين بدل الآخر, وعن مالك ثلاث روايات كهذه الآراء, وعن أحمد المنع مطلقاً] فتح الباري ٩/ ٦٣١.

وقال الإمام ابن دقيق العيد: [نَعَمْ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ بِالْحَقِّ, وَأَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ, وَلَمْ يَدُلَّ الْحَدِيثُ عَلَى جَوَازِ أَخْذِهَا مِنْ الْجِنْسِ, أَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ. وَمَنْ يَسْتَدِلُّ بِالْإِطْلَاقِ فِي مِثْلِ هَذَا: يَجْعَلُهُ حُجَّةً فِي الْجَمِيعِ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ أَخْذُ الْحَقِّ مِنْ مَالِ مَنْ عَلَيْهِ عَلَى تَعَذُّرِ الْإِثْبَاتِ عِنْدَ الْحَاكِمِ. وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ; لِأَنَّ هِنْدًا كَانَ يُمْكِنُهَا الرَّفْعُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخْذُ الْحَقِّ بِحُكْمِهِ] إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام ٢/ ٢٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>