للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على رقبته، ثم قال: ولا يقال إن بعض ما يسرق من النقد أخف من البعير مثلاً والبعير أرخص ثمناً فكيف يعاقب الأخف جناية بالأثقل وعكسه؟ لأن الجواب أن المراد بالعقوبة بذلك فضيحة الحامل على رؤوس الأشهاد في ذلك الموقف العظيم لا بالثقل والخفة] فتح الباري ٦/ ٢٢٤. ويضاف إلى ما سبق أن لجنة إعمار المسجد لا تملك أن تهب التاجر المذكور حق استثمار مال المسجد لمنفعته الشخصية، فمال الوقف لا تجوز هبته لأي كان وقد جاء في الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (أصاب عمر رضي الله عنه أرضاً بخيبر فأتى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي منها فما تأمرني به، قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، قال فتصدق بها عمر، إنه لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يورث ولا يوهب) رواه البخاري ومسلم.

وقال الشيخ زكريا الأنصاري: [ليس للناظر أخذ شيء من مال الوقف على وجه الضمان، فإن فعل ضمنه، ولا يجوز له إدخال ما ضمنه فيه أي في مال الوقف، إذ ليس له استيفاؤه من نفسه لغيره] أسنى المطالب في شرح روض الطالب.

وإذا كان العلماء قد نصوا على أنه لا يجوز لأحد أن يأخذ شيئاً مما هو موقوف على المسجد كالمصاحف والكتب والسجاد والحصير وغير ذلك من الأشياء لينتفع بها انتفاعاً شخصياً فهذه الأشياء الموقوفة يكون الانتفاع بها داخل المسجد فقط ولا يجوز لأحد أن يأخذ شيئاً لنفسه منها وإن أذن بذلك إمام المسجد أو مؤذنه لأنهما يتصرفان فيما لا يملكان فالمصاحف والكتب الموقوفة على المسجد لا يملك أحد أن يبطل وقفيتها على المسجد ويحولها إلى ملكية خاصة لبعض المصلين.

وقد نص العلماء على تحريم مثل هذه التصرفات، قال الإمام النووي: [لا يجوز أخذ شيء من أجزاء المسجد كحجر وحصاة وتراب وغيره ... وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال بعض الرواة أراه رفعه إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (إن الحصاة لتناشد الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>