للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَفُورٌ رَحِيمٌ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} سورة التحريم الآيتان١ - ٢. فالله سبحانه وتعالى سمَّى تحريم ما أحل الله يميناً، وفرض تحلة اليمين، وهي كفارة اليمين، قال الشيخ ابن قدامة المقدسي: [ويروى نحو هذا عن ابن مسعود والحسن وجابر بن زيد وقتادة وإسحاق وأهل العراق، وقال سعيد بن جبير، فيمن قال الحلال حرام عليَّ، يمين من الأيمان يكفرها ... وعن الضحاك، أن أبا بكر وعمر وابن مسعود قالوا الحرام يمين ... ] المغني ٩/ ٥٠٨.

وقد ثبت في الحديث، عن عبيد بن عمير قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: (إن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يمكث عند زينب ابنة جحش، ويشرب عندها عسلاً، فتواصيت أنا وحفصة، أنَّ أيَتنا دخل عليها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلتقل: إني لأجد ريح مغافير، أكلت مغافير؟ -وهو نوع من النبات له رائحة كريهة- فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال: لا بأس شربت عسلاً عند زينب ابنة جحش، ولن أعود، فنزلت الآية {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ... إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (لعائشة وحفصة) {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} -لقوله بل شربت عسلاً) رواه البخاري ومسلم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: [وسبب نزول هذه الآية إما تحريمه العسل وإما تحريمه مارية القبطية، وعلى التقديرين فتحريم الحلال يمين على ظاهر الآية وليس يميناً بالله، ولهذا أفتى جمهور الصحابة، كعمر وعثمان وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وغيرهم، أن تحريم الحلال يمين مكفرة] مجموع الفتاوى ٣٥/ ٢٧١ - ٢٧٢. وروى عبد الرزاق بسنده عن الحسن البصري قال: [إن قال: كل حلالٍ عليَّ حرام، فهو يمين، وكان قتادة يفتي به] المصنف ٦/ ٤٠٢. وروى ابن أبي شيبة بأسانيده عن عمر وعائشة وابن عباس أنهم قالوا: [الحرام يمين] المصنف ٥/ ٣٧. وروى ابن أبي شيبة أيضاً عن عمر بن ذر قال: [سألت الشعبي عن رجلٍ قال: كل حلالٍ عليَّ حرام، قال: لا يوجب طلاقاً ولا يحرم حلالاً، يكفر عن يمينه] المصنف ٥/ ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>