ومن المعلوم أن عقوبة القتل عقوبة مشروعة في حالات معينة كما قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} سورة البقرة الآية ١٧٨. وثبت في الحديث أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمارق من الدين التارك للجماعة) رواه البخاري ومسلم.
وكذلك فإنه من المقرر شرعاً وجوب تطبيق الحدود والتعزير على من ارتكب موجباً لها والمكلف بتنفيذ جميع العقوبات المقررة شرعاً -القصاص والحدود والتعزير- هو الحاكم المسلم أو من ينيبه وليس ذلك لأفراد الناس فلا يجوز لفرد أو جماعة تطبيق العقوبات الشرعية لأن هذا يفتح باباً عريضاً من أبواب الشر والفساد. ومن الأدلة على أن تنفيذ العقوبات من اختصاص الدولة المسلمة ممثلة بالإمام أو من يقوم مقامه قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} قال الإمام القرطبي في تفسير الآية: [لا خلاف في أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر، فرض عليهم النهوض بالقصاص وإقامة الحدود وغير ذلك؛ لأن الله سبحانه خاطب جميع المؤمنين بالقصاص، ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعاً أن يجتمعوا على القصاص، فأقاموا السلطان مَقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود] تفسير القرطبي ٢/ ٢٤٥.
ومما يدل على ذلك قوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} سورة النور الآية ٢. قال الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية:[لا خلاف أن المخاطب بهذا الأمر الإمام ومن ناب منابه] تفسير القرطبي ١٢/ ١٦١.
ويدل على ذلك أيضا ما ورد في الحديث أن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:(أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه كتاب الله) رواه مالك في الموطأ والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وقال العلامة الألباني [وهو كما قالا]. السلسلة الصحيحة ٢/ ٢٧٢.
وقال الشيخ أبو إسحق الشيرازي: [لا يقيم الحدود على الأحرار إلا