رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقاً ولم يدخل بها حتى مات، فقال ابن مسعود:[لها مثل صداق نسائها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث] فقام معقل بن سنان الأشجعي فقال: قضى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بروع بنت واشق امرأة منا مثل الذي قضيت. ففرح بها ابن مسعود) وقال أبو عيسى الترمذي: حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح. سنن الترمذي، فهذا الحديث يدل على لزوم عدة الوفاة للزوجة وإن لم يدخل بها وهذا على خلاف المطلقة قبل الدخول فلا عدة عليها لقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} سورة الأحزاب الآية ٤٩.
إذا تقرر وجوب عدة الوفاة على كل زوجة فأعود لما ورد في السؤال من كون المرأة المتوفى عنها زوجهاً عجوزاً فأقول إن من المفاهيم المغلوطة عند بعض الناس أن الزوجات الكبيرات في السن لا تلزمهن عدة الوفاة نظراً لكبرهن ولانقطاع الحيض عنهن وهذا الفهم الباطل قائم على أن الحكمة من عدة الوفاة معرفة براءة الرحم من الحمل والذي يجب أن يعلم أولاً أن العدة فريضة يجب الالتزام بها بغض النظر عما قيل فيها من الحكمة وهذا لا ينفي احتمال أن يكون أحد مقاصد العدة هو معرفة براءة الرحم من الحمل مع أن ثبوت الحمل لا يحتاج إلى أربعة أشهر وعشرة أيام وخاصة في زماننا حيث يمكن معرفة وجود الحمل خلال أسبوعين أو ثلاثة فهل معنى ذلك إلغاء عدة الوفاة ما دام أنه يمكن معرفة براءة الرحم بالوسائل الطبية الحديثة!! هذا لا يقوله مسلم.
وقد ذكر بعض أهل العلم حِكَمَاً للعدة فمن ذلك ما قاله العلامة ولي الله الدهلوي: [اعلم أن العدة كانت من المشهورات المسلمة في الجاهلية وكانت مما لا يكادون يتركونه وكان فيها مصالح كثيرة: منها معرفة براءة رحمها من مائه لئلا تختلط الأنساب فإن النسب أحد ما يتشاح به ويطلبه العقلاء وهو من خواص نوع الإنسان ومما امتاز به من سائر الحيوان وهو المصلحة المرعية في باب الاستبراء. ومنها التنويه بفخامة أمر النكاح حيث لم يكن أمراً ينتظم إلا بجمع رجال ولا ينفك إلا بانتظار طويل ولولا