بجميع طرقه يدل على أن الجنين يتقلب في مائة وعشرين يوماً في ثلاثة أطوار كل طور منها في أربعين ثم بعد تكملتها ينفخ فيه الروح، وقد ذكر الله تعالى هذه الأطوار الثلاثة من غير تقييد بمدة في عدة سور، منها في الحج وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في كتاب الحيض في " باب مخلقة وغير مخلقة " ودلت الآية المذكورة على أن التخليق يكون للمضغة، وبين الحديث أن ذلك يكون فيها إذا تكاملت الأربعين وهي المدة التي إذا انتهت سميت مضغه، وذكر الله النطفة ثم العلقة ثم المضغة في سور أخرى وزاد في سورة قد أفلح - المؤمنون - بعد المضغة (فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً) الآية، ويؤخذ منها ومن حديث الباب أن تصير المضغة عظاماً بعد نفخ الروح، ووقع في آخر رواية أبي عبيدة المتقدم ذكرها قريباً بعد ذكر المضغة " ثم تكون عظاماً أربعين ليلة ثم يكسو الله العظام لحماً " وقد رتب الأطوار في الآية بالفاء لأن المراد أنه لا يتخلل بين الطورين طور آخر، ورتبها في الحديث بثم إشارة إلى المدة التي تتخلل بين الطورين ليتكامل فيها الطور، وإنما أتى بثم بين النطفة والعلقة لأن النطفة قد لا تتكون إنساناً، وأتى بثم في آخر الآية عند قوله:(ثم أنشأناه خلقاً آخر) ليدل على ما يتجدد له بعد الخروج من بطن أمه ... ] فتح الباري ١١/ ٥٨٩.
إذا تقرر هذا فإن الضابط المعتبر في التمييز بين الدم الذي يعد نفاساً والدم الذي يعد استحاضة هو أنه إذا كان الجنين قد تخلق فالدم دم نفاس، وإذا لم يتخلق الجنين فالدم دم استحاضة وبناءً على ما مضى فإن المستحاضة تصلي وتصوم ويأتيها زوجها حيث إن المستحاضة في حكم الطاهر [قال البركوي من علماء الحنفية: الاستحاضة حدث أصغر كالرعاف. فلا تسقط بها الصلاة ولا تمنع صحتها أي على سبيل الرخصة للضرورة، ولا تحرم الصوم فرضاً أو نفلاً، ولا تمنع الجماع - لحديث حمنة: أنها كانت مستحاضة وكان زوجها يأتيها - ولا قراءة قرآن، ولا مس مصحف، ولا دخول مسجد، ولا طوافاً إذا أمنت التلويث. وحكم الاستحاضة كالرعاف الدائم، فتطالب