وهنا لا بد من الإشارة إلى حديث قد يتعارض مع ما ذكرنا وهو ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا انتصف شعبان فلا تصوموا) رواه أصحاب السنن الأربعة. فيجاب عنه من وجهين: الأول: إن الحديث ضعيف ضعفه الإمام أحمد وابن معين والبيهقي. الثاني: إن صح فيحمل النهي في الحديث على من لم يدخل تلك الأيام في صيام اعتاده قاله الحافظ ابن حجر. وقال الشوكاني: ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أسامة: (أن شعبان شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان أنه يستحب صوم رجب لأن الظاهر أن المراد أنهم يغفلون عن تعظيم شعبان بالصوم كما يعظمون رمضان ورجباً به) نيل الأوطار ٤/ ٢٧٦.
وينبغي أن يعلم أنه يكره للمسلم أن يتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين لئلا يختلط النفل بالفرض، أو حتى يستريح الصائم ليدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط. وقد ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صوماً فليصم ذلك اليوم) رواه البخاري. وأخيراً أنبه على أن إحياء ليلة النصف من شعبان بدعة منكرة لا أصل له في الشرع وما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من أحيا ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) قال ابن الجوزي: [هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه آفات ثم ذكر من آفاته مروان بن سالم قال فيه النسائي والدارقطني والأزدي متروك. العلل المتناهية ٢/ ٥٦٢. وقال الحافظ ابن حجر عنه: [ومروان هذا متهم بالكذب]. الإصابة ٥/ ٥٨٠. وقال الحافظ عنه في لسان الميزان:[هذا حديث منكر مرسل] ٤/ ٣٩١. وقال الذهبي في الميزان:[هذا حديث منكر مرسل] ٥/ ٣٧٢.
وخلاصة الأمر أنه كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم صيام أكثر شهر شعبان.