وهذا الذي بينه الحافظ ابن عبد البر هو القول الصحيح الذي تؤيده الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى ذلك يحمل قول النبي صلى الله عليه وسلم:(اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وهو من أحاديث الأربعين النووية.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي:[وقد حكى ابن عطية في تفسيره في معنى هذا الحديث قولين ... الثاني: أنه تكفر الصغائر مطلقاً ولا يكفر الكبائر إن وجدت لكن بشترط التوبة من الصغائر وعدم الإصرار عليها ... ]. ثم قال الحافظ ابن رجب: [والصحيح قول الجمهور أن الكبائر لا تكفر بدون التوبة لأن التوبة فرض على العباد وقد قال عز وجل: {وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} سورة الحجرات الآية ١١] جامع العلوم والحكم ص ٢١٤ - ٢١٦.
ولا يصح التمسك بظاهر قوله تعالى:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} سورة هود الآية ١١٤. على أن الحسنات تكفر كل سيئة كبيرة وصغيرة. وعند جمهور أهل العلم لا بد من تقييد ذلك بما صح في الحديث من قوله صلى الله عليه وسلم:(إن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر) وغيره من الأحاديث المقيدة لمطلق الآية. انظر فتح الباري ٩/ ٤٢٧.
وخلاصة الأمر أن الحديث المذكور حديث حسن وأن الذنوب الخمس المذكورة فيه تعتبر من كبائر الذنوب، وأن الكبائر لا تكفرها الأعمال الصالحة، ولا بد للمسلم من التوبة بشروطها.